إصدارات جديدة: سنوات الرعب من القاعدة إلى داعش

شبكة النبأ

2019-01-26 04:20

الكتاب: سنوات الرعب من القاعدة إلى داعش
المؤلف: علي الطالقاني
الناشر: مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام
عدد الصفحات: 192 صفحة من القطع المتوسط
عرض: شبكة النبأ المعلوماتية

صدر هذا الكتاب الموسوم بـ (سنوات الرعب من القاعدة إلى داعش) لضرورات التجربة الأمنية وما تمخض عنها من دروس يمكن أن تشكل خزينا نوعيا لقادة العراق نفسه وقادة الدول الإقليمية والعالم باعتباره يتعرض لذا النوع من العنف الذي يأتي كحصيلة لموجات التطرف والاحتقان الذي يعصف بالعالم، خصوصا بعد أن غابت قيم العدالة العالمية وتنوعت سياسة الكيل بمكيالين وحُصرتْ ثروات العالم بأيدي الأقلية، فأدى ذلك إلى تفشي موجات الفكر المتطرف ما أدى بالنتيجة إلى صناعة تنظيمات إرهابية صارت تهدد الأغنياء والفقراء على حد سواء.

في هذا الكتاب يطرح مؤلفه علي الطالقاني تجارب ساخنة عن العمليات الإرهابية، منها ما تابعه ميدانيا بنفسه حيث يقول في مقدمة كتابه: لقد عكفت على متابعة الأحداث بصورة ميدانية فضلا عن إجراء العديد من اللقاءات الشخصية مع قبائل وشخصيات ومقاتلين والاطلاع على العديد من مصادر الأخبار والكتب من أجل إنجاز كتابنا هذا حول الارهاب وتجربة العراق في محاربته والذي دونت فيه خلال عقد من الزمن هذه التجربة، لأن تدوين الأحداث في العراق بعد عام 2003 بحاجة إلى مشروع كبير تشترك فيه جميع المؤسسات الحكومية والمنظمات الدولية والمحلية بالإضافة إلى كتابات الصحفيين).

يضم هذا الكتاب بين دفّتيه (45) مقالا، مع خاتمة من التغاريد يقتطفها المؤلف من كتاباته على نحو مكثّف تمثل إضاءات مقتضبة عمّا فعله الإرهاب في العراق على وجه الخصوص، يستهلّ الطالقاني كتابه هذا بمقال يحمل عنوان ( العراق يغرق في عواصف الاقتتال) ويقدّم فيه رؤية واقعية عن تسابق القوى السياسية نحو السلطة، وما يتسبب عن ذلك من مناكفات وصراعات أسهمت بطريقة أو أخرى في فسح المجال للتنظيمات المتطرفة كي تتسلل من ثغرات الصراعات السياسية كي تطيح بالتجربة السياسية بفعل جهات معادية لشكل النظام السياسي الجديد في العراق، يقول الكاتب: (يواجه العراق أزمات عديدة على مختلف المستويات، ومن بين هذه الازمات نشاط الحركات العقائدية والسياسية التي تسعى جاهدة وفق عقائد وأيديولوجيات خاصة بها تنبذ كل من يتصدى للحكم في العراق، تتخذ من العنف وسيلة لمواجهة كل من يعمل على أر هذا البلد، وتطرح في رؤيتها إشكاليات تهدد مستقبل الحكم في العراق).

في مقال آخر حمل عنوان (الإستراتيجية الدموية : تلعفر نموذجا)، يثير الإشكاليات نفسها، وما تعرضت له تلعفر (قضاء تابع لمحافظة الموصل)، من إهمال (أمني) في حينها من قبل المسؤولين، الذين أهملوا مناشدات سكان تلعفر وهم يشكلون نسيجا مجتمعيا متنوعا وخليطا من أعراق وديانات ومذاهب، لكن بالنتيجة تمكن الفكر المتطرف وصنّاع الإرهاب من السيطرة على هذا القضاء والعبث به وتهجير سكانه إلى مختلف المحافظات الأخرى خصوصا مدن الوسط (كربلاء، النجف، بابل).

أما في مقال عنوانه في طريق مثلث الموت، وهو عبارة عن مشاهد ساخنة جنوب بغداد وشمال بابل ودارت رحاه في مناطق ساخنة منها اليوسفية – المحمودية – اللطيفية – الحصوة – الاسكندرية، فقد أورد فيه الكاتب الطالقاني قصص عنف حقيقية عايشها بنفسه، وتعرض فيها لمخاطر جمة، واستطاع أن يقوم بدور المراسل الحربي الذي يخاطر بحياته من أجل الوصول إلى الحقيقة ومن ثم عرضها على الآخرين، ومن يطلع على هذه الحكايات التي رصدت الإرهاب خطوة خطوة يمكنه أن يحصل على أرضية واقعية تمكنه من تصوّر دقيق لما كان يدور في ساحات المدن والمناطق التي استشرى فيها وباء العنف والإرهاب.

ويقول الكاتب في مشاهداته هذه: (كانت النشأة الأولى لي في منطقة ريفية جميلة اسمها اليوسفية نقع 15 كم جنوب بغداد أعجز عن وصفها، منحها الله جل جلاله من الخيرات الشيء الكثير، اليوسفية تختلف في طبيعتها كثيرا عن الأماكن الأخرى، لاسيما أراضيها الخضراء الغنية بالثمار والنخيل وأشجار الحمضيات التي تتمتع بخلوها من بيئة ملوثة). هذا الوصف الطبيعي الجميل لم يبق صامدا كما هو، بعد أن تسلل التطرف والإرهاب إلى هذه المنطقة وغيرها من مناطق العراق فنشر فيها الخوف والرعب وكل صور الحرب والفتن والفوضى، ويضم هذا المقال عشرين مشهدا يصوّر فيها الكاتب مشاهداته التي تعرض لمواقف خطيرة وتفاصيل تدل على استسهال هدر حياة الانسان، وتنتهي المشاهد بخلاصة للكاتب، تؤكد ان هذه التجربة تستحق ان يطلع عيها الجميع وخصوصا أصحاب القرار كي يتم تفاديها والقضاء على الأسباب التي قادتنا إليها حتى يكون الخلاص منها نهائيا.

وينتقل الطالقاني إلى رؤية أكثر تفاؤلا، فيكتب مقالا بعنوان المصالحة الوطنية العراقية.. نجاح مرتقب، ومن العنوان يتضح ان الكاتب يعرض للمحاولات الدؤوبة والخطوات المهمة التي تم اتخاذها في اطار تحقيق المصالحة بين المكونات المختلفة في العراق، لغرض إيجاد الروابط المجتمعية المشتركة التي تقرب بين الفسيفساء العراقي وتجعل من تنوعه المجتمعي ميزة له وليس عليه، ويتم ذلك من خلال سعي القوى المتعددة التي تمثل كافة المكونات العراقية لإيجاد الوشائج التي تقوي الترابط المجتمعي وتقضي على التناحر والتطرف من جذوره.

ولم يترك الكاتب منطقة وصل إليها التطرف وعاث فيها الإرهاب إلا وتناوله من خلال رؤية الباحث الأمني، فكان له مقال بعنوان (صراع عقيم في الأنبار)، كما أن الكاتب لا يقصر مقالاته على موضوع التطرف والارهاب بشكل حصري بل يذهب إلى طرح رؤيته عن الخطوات الاقليمية والعالمية التي سعت الى حل الصراع العراقي، ومما جاء في هذا المقال: الملاحظ ان المصاب توالت على العراق وتتابعت وتنوعت وتصاعدت في تأثيراتها مما استدعى الأطراف الدولية والإقليمية للتعامل مع الأوضاع المتدهورة في العراق بشكل فاعل حين كان العراق أشبه بغريق يبحث عن قشة يتعلق بها عسى ان تنجيه من الغرق.

ويسعى الكاتب إلى مسار آخر لا يبحث في مكامن الإرهاب والعنف بشكل مباشر، بل يذهب إلى بحث الأسباب التي أدت إلى الفشل في احتواء أسباب العنف الذي اجتاح العراق، وما هي الأسباب التي جعلت بعض المناطق تتمكن من وأد المسببات قبل أن يتسلل الإرهاب إليها، وفي هذا المقال تجربة فعلية يمكن ان تمنح من يهمه الأمر قدرات إضافية لمواجهة العنف واحتوائه قبل تطوره وتناميه واستفحاله.

ومن المقالات الاخرى التي وردت في هذا الكتاب: الصراع بالاغتيالات.. أزمة عابرة أم مؤشر لمرحلة جديدة، المناخ السياسي المتأزم وتصاعد العنف، عودة القاعدة واستراتيجية دحرها، مهمة لم تكتمل، هروب السجناء انتكاسة عسكرية وسياسية، تداعيات الربيع العربي وصعود القوى المتطرفة، محاور تسهم في صعود قوى ارهابية، جدلية السياسة والارهاب ودورهما في صناعة دولة هشة، الأعمال الارهابية ترسم مستقبل البلد، اندماج تنظيمات القاعدة.. مخاطر محتملة، نهاية الأزمة في العراق هل من دلائل، يد الارهاب الخفية، خطة أمنية دون جدوى، مسار العنف في العراق، غول الارهاب والحلول الغائبة، رقص على طبول داعش، تحطيم مراكز الارهاب الالكتروني، استراتيجيات القوى المتصارعة، حلم يضع المنطقة على كف عفريت، الموصل قاب قوسين أو أدنى، الحرب النفسية وفك طلسم داعش الإعلامي، داعش سر القوة والضعف، هزة الاصلاحات وارتدادها على البيئة الامنية.

وهناك العديد من المقالات التي تضمنها الكتاب تتمحور جميعها حول موضوعة الارهاب أسبابه، ونتاجه، ومن ثم الكيفية التي ينبغي أن تتم عبرها مواجهة الإرهاب، من خلال وأد المسببات قبل ظهورها واستفحالها، مستفيدين من مبدأ (الوقاية قبل المرض)، ويأتي هذا الكتاب واحدا من السبل التي تسعى لوضع الحلول والمعالجات التي تتصدى للتطرف والإرهاب أمام القادة والمسؤولين قبل بلوغه مرحلة التنمر والخطر، فالتجربة التي عاشها العراقيون مع الإرهاب أكسبتهم خبرة مهمة للتعامل مع التطرف والإرهاب، لذلك لابد أن يتم استثمار هذه التجربة لصالح العراقيين وغيرهم وهذا الكتاب يهدف بالدرجة الأولى الى بحث مواجهة الإرهاب وتقديمها للآخرين والقادة خصوصا كي يتم وأد الخطر قبل وقوعه.

ذات صلة

عالم الإسلام متماثلا اجتماعيا وثقافيا.. الطاقة الممكنةصناعة الاستبداد بطريقة صامتةوزارتا التربية والتعليم العالي في العراق مذاكرةٌ في تجاذبات الوصل والفصلالجنائية الدولية وأوامر الاعتقال.. هل هي خطوة على طريق العدالة؟التناص بوصفه جزءاً فاعلاً في حياتنا