حكاية باب

مروة حسن الجبوري

2016-10-26 06:26

ذات يوم ساد الصمت والظلام، تباطأت نبضات القلب، توقفت الحواس، ثمة شيء غريب، غيمة سوداء تراها العين، في غرفة يكسوها التراب وبعض من تراث الماضي، تحاول الفصح لا أحد يستمع لتلك الخرافة، خرجت لتنفه عن روحها الهائمة، سقطت الباب، أثارت جنونها خرجت مسرعة، نحو الامان.

تشأمت من سقوط الباب، ولحظة تذكرت، سقوط الباب كسقوط عمد الخيمة، كما هو معروف عند العرب من سقوط العمد هو عبارة عن موت كبيرها وصاحبها، اشياء كثيرة توحي لها عن حدث ما؟. غصة قلبها، دمعة عينها، رعشه اناملها، تكاد ان تختنق، اخذت تتصل على رب اسرتها، فمنذ صباح اليوم ولم تسمع صوته.

اتصلت وهي تضرب اخماس في اسداس، لعله نائم، ..حملت همومها وطرقت اول باب، نظراتها الخائفة كانت تفسر الحادثة، ويد بيضاء تضرب على كتفها، تصبرها وتهدئ عن روعها، بدأت تقص عليها الحادثة، قائلة: منذ اخر مرة كان هنا، جلس في مكانه المعتاد، ينفث جسده بحرارة محمومة، شاحب لون، متردد، حاملا غيوما تئن فوق كتفيه بصمت رهيب، عيناه ترسم خرائط في السماء معلقه، وترانيم تهاجر في الاعلى، كانت ملامحة توحي الى انتظار أمر، مرت الساعة تلو الاخرى ببطء شديد، انتظرت قليلا حتى ينتهي من خلوته، تنفس الصعداء، احسس بارتياح عجيب، حان وقت العودة الى ساحة القتال الموصل تنتظرنا، لملم ما تبقى من احتياجاته، حملت حقيبته، وهمم بالانصراف، (قد اعود غدا، و بعد غد، او وربما لا اعود ) قالها وهو ينظر الى الاطفال وكيف يصطفون عنده، لم يكن على عادته، كلما قرب من عتبة الدار رجع واحتضن اطفاله، طلب من والدته ان تعتني بنا من بعده، وتسلم أمرها الى الله وتصبر على قضائه وقدرة، هذه المرة الاولى التي يسلم علينا جميعا يفتقد الصغير والكبير عند ذهابه.

عندما سمعت والدته اخذت شريط اخضر (علك) التي طافت به كل المراقد المقدسة، تقدمت نحوه وعلقت الشريط الاخضر على صدره كطوق حمامة، تشم رائحته وتقبل جبينه، في امان الله يا ولدي، وذهب مع رفاقه لتحرير الموصل، مضت الايام ونحن في انتظار رجعته، واليوم فقدت الاتصال معه، سطرت قصتها في ذات عُتمة موهومة، ودقائق حائرة تلتها ساعاتٌ محزنة وحوادث مؤلمة، وتلك هي الدنيا تأخذ منا الاحباب والاصحاب، غدارة، ولكن هيهات لها، مادام في الفؤاد نبضٌ يردد (والآخرة خيرٌ وأبقى) هي خيرٌ للمتقين وخلودٌ لشهداء، جاء الخبر ان زوجها علي قد استشهد وهو في طريقه للنصر بقناص, والسماء وثقلها كانت ان تطبق على راسها، نعم استشهد علي صباح هذا اليوم، لم يكن سقوط الباب عبث، رسالة اوصلها عن بطل همام سقط، تغسل دموعها وجها الشاحب مرددة انا لله وانا اليه راجعون، ليلحق بركب شهداء وُزمرة الأنقياء مع انصار الحسين عليه السلام.

ذات صلة

عالم الإسلام متماثلا اجتماعيا وثقافيا.. الطاقة الممكنةصناعة الاستبداد بطريقة صامتةوزارتا التربية والتعليم العالي في العراق مذاكرةٌ في تجاذبات الوصل والفصلالجنائية الدولية وأوامر الاعتقال.. هل هي خطوة على طريق العدالة؟التناص بوصفه جزءاً فاعلاً في حياتنا