في انتظار الدخان الابيض... من المنطقة الخضراء
د. غسان السعد
2016-04-19 12:53
في العرف الكنسي يتم حرق اوراق انتخاب بابا الفاتيكان بعد انتهاء عملية اختياره وينطلق الدخان الابيض وكأنه حمامة بيضاء تحلق ايذانا في بدء عهد بابوي جديد، هذا الدخان الابيض هو ما يتطلع اليه العراقيون بأنفاس محبوسة وأعصابا مشدودة وهذه المرة تتوجه الأنظار الى قلب بغداد السياسي في المنطقة الخضراء.
واحد من السيناريوهات القادمة في المشهد السياسي العراقي المعقد، والتي يمكن إيجازها بما يلي:
السيناريو شديد التفاؤل:
ويتجسد بتمرير حكومة (التكنوقراط) وفقا للرؤية التي فرضها محور الصدر/العبادي على الشيعة وفرضها الشيعة على كل من السنة والكرد، ليتم في مرحلة لاحقة التوجه نحو المناصب الاخرى من هيئات ووكلاء وزارات ومستشارين وسفراء ومدراء عامون الذين يعتبرون الملاك الصلد والدولة العميقة الفعلية، ان هذا السيناريو هو الاكثر قسوة على معظم الشركاء السياسيين اذ سيظهرهم بمظهر (الفاسدون) الذين اطيح بهم عن طريق الاعتصام الصدري-المدني من جهة، وسيحرم الاحزاب السياسية من مناطق نفوذ مهمة ومصادر تمويل ضرورية للبقاء على قيد الحياة السياسية العراقية التي لا ترحم من يخرج من دائرة النفوذ والمال. فكيف اذا كان هذا الخروج (مذل) وعلى يد قوى سياسية اخرى ستجني ولو معنويا ثمار الإصلاحات اللذيذة.
السيناريو المتفائل:
فهو حكومة مختلطة عمادها وزراء تكنوقراط ولكن بترشيح سياسي وغطاء حزبي، وهذا السيناريو مرجح بقوة ان يتم استبعاد رجالات الخط الاول من الاحزاب المشاركة في الحكومة لصالح كفاءات قريبة ومسيطر عليها من قبل الاحزاب السياسية المرشحة لها، وهذا السيناريو سيكون عملية تجميلية اكثر منه عملية اصلاحية علاجية لاستئصال الفساد وتحسين الاداء، لكن شرط إنجاح هذا السيناريو هو توافق سياسي على مستوى المكونات وعلى مستوى الاحزاب ومن ثم إقناع السيد الصدر والعبادي لسحب قائمة الأخير من قبة البرلمان وتقديم القائمة التالية بحكومة تكنوقراط سياسية.
السيناريو المتشائم:
وهوما يملك ترجيحا قويا، هو تمديد البرلمان لفترة أكثر من التي حددها السيد الصدر، مما سيؤدي الى التطلع نحو الغرف المظلمة والاصدقاء الخارجيين لإبداء المشورة والضغط، والى العبادي الذي ربما يقدم استقالته تاركا المنصب الذي شغله ولم يشغله، ويقف موقفا تاريخيا لكن حتى في هذا القرار لن يدفع عن نفسه تهمة الرئيس الضعيف.
السيناريو الاشد سوداوية:
فهو اقتحام المنطقة الخضراء وإسقاط مجلس النواب العراقي مما يعني خطوة نحو المجهول السياسي، والذي سيجعل من الدخان الأسود هو السائد في سماء بغداد بأسرها، سواد لن يزول بسهولة، لان هناك ارهاب وفساد وجهل واجندات خارجية ستلقي الزيت على تلك السحابة السوداء التي ستبتلع كل المنجزات التي تم تحقيقها رغم ضآلتها فإنها غالية الثمن من دم ومال الشعب العراقي الصامد، والذي يتطلع الى الدخان الابيض.