توقيتاتٌ دستوريَّة ساحرة
نوزاد حسن
2025-11-24 03:11
ها قد انتهت الانتخابات واعلنت النتائج النهائية ولم تكن هناك شكاوى كبيرة، وكانت نسبة المشاركة حسب الإعلان الرسمي للمفوضية هي 56 بالمئة، وهذه مشاركة لم تكن متوقعة بطبيعة الحال. اذن ما تبقى بعد كل هذا هو مباحثات ومشاورات تشكيل السلطتين التشريعية والتنفيذية ضمن توقيتات منصوص عليها دستوريا.
وفي التجارب السابقة كانت هناك تجاوزات تقع في عدم مراعاة هذه التوقيتات، التي أصفها بالساحرة والسلسة والتي تشبه علامات بالغة الاهمية توضع على الطرق لتقود السائرين إلى جهات محددة يقصدونها. لنقل إن التوقيتات هي وسائل تحفز القوى الفائزة على التعامل معها بإيجابية من خلال احترام التوقيت، بحيث لا يهدر الوقت ويحدث تجاوز على التوقيت، ثم يعد هذا التجاوز خرقا دستوريا.
التوقيتات كما قلت ليست مزعجة ولا تشكل عبئا على القوى السياسية، إنها خارطة طريق جيدة لو تم الالتزام بها. ولنتخيل أن 3 ايام قدمت فيها الطعون ثم اجابت المفوضية عن هذه الطعون خلال 7 ايام. بعد ذلك “ترفع إلى الهيئة القضائية التابعة للانتخابات للبت بها خلال 10 ايام من تاريخ احالتها”.
وهنا تكون للمحكمة الاتحادية كلمة الفصل في المصادقة على النتائج النهائية ما يدعو المفوضية إلى اشعار رئيس الجمهورية بضرورة انعقاد الجلسة الاولى للبرلمان الجديد خلال 15 يوما. ينعقد البرلمان لانتخاب الرئيس ونائبيه ثم يقوم بانتخاب رئيس الجمهورية خلال 30 يوما من انعقاده.
وبعد انتخاب رئيس الجمهورية نصل إلى الخطوة الاهم وهي تكليف رئيس الجمهورية مرشح الكتلة الاكبر باختيار وزراء الحكومة خلال 15 يوما. ويمنح المكلف 30 يوما لتقديم كابينته الوزارية لنيل ثقة البرلمان والتصويت عليها.
هذه هي التوقيتات الدستورية يجب مراعاتها حفاظا على قدسية النصوص، التي تعطي هامشا كبيرا من الحرية امام القوى السياسية لاحترامها، وهنا يطرح تساؤل نابع من خبرتنا السابقة مع الانتخابات وهو، هل ستكون مشاورات تشكيل الحكومة اقل تعقيدا بحيث تكون كل توقيتات الدستور مصانة ولا يمكن تجاوزها؟
أظن أن الاجابة الواقعية إن تشكيل الحكومة لن يكون سهلا ولا اشك في ان الاتفاقات السياسية والمشاورات المعقدة ستأخذ وقتا اطول مما حدده الدستور من توقيتات نهائية، لكن الامل في ان نقلة جديدة تقع هذه المرة تختلف عن السياق القديم الذي اعتدنا عليه.