مُحاكمة اقتصادية للتهوُّر الاقتصادي في العراق
د. عماد عبد اللطيف سالم
2025-10-21 04:11
سيكونُ من الصعبِ جدّاً (على أيّةِ حكومةٍ قادمة) ادارةُ الاقتصاد والمالية العامة، في بلدٍ "مدينٍ" إلى هذا الحدّ. لم يأتِ السيّد مُحافظ البنك المركزي بأيِّ شيءٍ جديد من خلال البياناتِ التي قامَ بالكشف عنها في معرضِ ردّهِ على الأسئلة "البرلمانية" التي وُجِّهَت إليه.
تمّ "التحذيرُ" من الآثارِ السلبيّةِ المُترتَبِة، والتي سوف تترتّب، على نمط التصرُّف الحكومي بالموارد و"الموجودات" و"الأصول" الوطنية (بأنواعها كافّة) من قبل "بعض" الاقتصاديّين العراقيّين.. وبدلاً عن الاصغاء إليهم، تمّ اتهامهم بـ "بمعارضة الحكومة"، والتقليلِ من "مُنجزاتها"، بل وحتّى بـ "الإساءة للنظام السياسي" في العراق.
ولأنّ "مُغنيّةَ الحيِّ لا تُطرِبُ"، احتفى كثيرٌ من العراقيين بإشارة دونالد ترامب (الاستعراضيّة والفَجّة) إلى سوء إدارة وتخصيص واستخدام الموارد النفطية في العراق (وكأنَّ الإدارات الأمريكيّة المُتعاقِبة لم تُسهِم بذلك بشكلٍ مُباشرٍ وغير مباشر، ومع سبق الإصرار والترَصُّد).. وأيضاً، كأنّ لا أحدَ من هؤلاء الاقتصاديّين العراقيّين (الذين لا مصلحةَ لديهم وهُم يطلبونَ الاصلاحَ والمُكاشفة، غيرَ مصلحِة هذا العراق الذي يتمُّ "إفقارهُ" بعِنادٍ غريب، وبغباءٍ وانتظام وإصرارٍ مُستدامٍ على الخطأ) قد أشارَ إلى ذلك من قبل، بل وأشارَ إليهِ مرّاتَ ومرّات دون جدوى.
ولأنّ هؤلاء الاقتصاديّينِ "القِلّة"، "العارفونَ" بحقّ، و"الخبراءَ" بصِدق، لا يَمتَلِكون جاهَ ونفوذَ "المناصبَ الرفيعة"، ولا "ريوعها"، ولا "بنادقها" ولا "اعلامها" السَفيه، ولا جيوشها الالكترونيّة "المؤجَّرَة"، ولا "فضائيّاتها" الداعِرة، فقد تمّ "تجاهلهم" تماماً، ولم يحظَ ما كان يقولهُ أكثرهم "شُهرة" بالاهتمام الذي حظيَ به ذلكَ الذي أعادَ التأكيدَ اليه السيد مُحافظ البنك المركزي العراقي.
ولكي لا تتمّ "الإداناتُ" جُزافاً (كما جرت العادةُ عند العراقيّين)، يجبُ تشكيلُ "مُحاكَمةٍ اقتصاديّة"، تأخذُ على عاتقها البتّ في "شكاوى" و"تُهَم" تبديد الموارد الوطنية (بأنواعها كافة)، وإثبات سوء تخصيصها واستخدامها، ومُراجعة "الجدوى الاقتصادية" لجميعِ المشاريعِ والمجالاتِ و"أبوابِ الصَرفِ" التي تمّ انفاقها عليها، والكَشفِ (بالمُستنداتِ والوثائق والأدِلّة) عن "السياسات" الارتجاليّة – الشعبويّة التي حالت دون النمو والتنمية الاقتصادية والتراكم الرأسمالي وتكوين رأس المال الثابت، والنبشِ بعُمق في سيرة جميعِ "الأشخاص" و"المسؤولين" الذين يُشتَبَهُ بسرقتهِم للمالِ العراقيِّ "الحَرام"، و تقليب "أوراق ومستندات ووثائق" كُلِّ الحكومات التي تعاقبت على إدارة الاقتصاد في العراق طيلةَ اثنين وعشرينَ عامّا، وإدانةِ من تثبُت إدانته، والزَجُّ به خلف القضبان.
بعد صدور "الحُكم"، و"استئنافهِ"، و"إفهامهِ عَلَنا" للجميع، واكتسابه "الدرجة القَطعية"، وبعدَ أن ينالَ "المُذنِبونَ" جزاءهم العادل.. سيبدأُ الحديثُ والبحث عن أفضلِ السُبُلِ لـ "الإصلاح"، وعن أكثرِ وسائلِ "صُنعِ السياسات" كفاءةً وفاعليّة.. لعلَّ وعسى يتمُّ انتشالُ اقتصاد العراق من هذا "المُستنقَعِ" الآسنِ الذي تمَّ اغراقهُ فيه.