فاجعة الكوت.. دفع الله ما كان اعظم!!!
عباس الصباغ
2025-07-19 05:32
بين آونة واخرى يُفجع العراقيون بحدوث مأساة يذهب جراءها الكثير من الضحايا ولأسباب تبدو تافهة او غير معقولة، وقد لاتحدث حتى في اكثر الدول العالم الثالث تخلفا وابتعادها عن مواكبة اسباب التقدم والاخذ بتلابيبب الحضارة، فبعد فاجعة عرس الحمدانية ومأساة مستشفى ابن الخطيب والنقاء وغيرهما من الفواجع، وهي كثيرة جدا من التي تدمي القلب، تُفاجئنا الانباء بحدوث كارثة من العيار الثقيل ولأسباب تكاد تكون متقاربة كما حدث في هايبر ماركت الكوت ذهبت ضحيتها العشرات من الضحايا الكثير منهم من الاطفال والنساء حرقا واختناقا.
فالإجراء الصحيح هو منع تكرارها وليس ترقيعها لأي سبب كان سواء أ كان هندسيا ام فنيا ام غشا معماريا او لسبب الجهل والفساد وقلة الوعي او لفعل “فاعل” مجهول وقد اجتمعت كل تلك الاسباب في هايبر ماركت الكوت للأسف.
ولن يتحقق شعار السلامة اولا دون تحقيق شروط السلامة... شعار طالما قرأناه منذ أن وعينا وادركنا مقاصده وغاياته في الحفاظ على حياتنا وتحقيق الحد الادنى -في الأقل- من سلامة العيش بعيدا عن المخاطر المحدقة بنا، كالحرائق التي صار يتعرض لها المشهد العراقي كل يوم وصارت وكالات الانباء تنقل اخبارها بالجملة كأنها شيء روتيني ويومي، سواء في المنشآت او المنازل ويكون التماس الكهربائي هو السبب عادة او بسبب سوء التخطيط والغش المعماري والاهمال الاداري، او في المزارع والبساتين ويكون الفاعل “مجهولا” او بسبب عبث الاطفال وغيرها من المسببات التي تؤدي الى الدمار الماحق.
كنا نمر مرور الكرام حول شعار (السلامة اولا) يومها لم تكن الحرائق متعددة الاسباب وبالجملة ظاهرة ملفتة للنظر بل كانت تمثّل احداثا عرضية ضمن مبدأ القضاء والقدر المصحوب بأمنية (دفع الله ماكان اعظم)، ولكن هل يوجد اعظم من حادث يؤدي بكل بساطة الى استشهاد عشرات الضحايا ولأسباب تافهة كعدم وجود منظومة للحريق التي يفترض تواجدها في أي مكان فضلا عن وجود سلالم للطوارئ التي تساهم في انقاذ الناس حيال الكوارث.
فما حدث في هايبر ماركت الكوت هو شروع في ابادة جماعية وبفعل “فاعل” لاتنفع في تفسيره كل “نظريات” القضاء والقدر والحظ والبخت والقسمة والنصيب ودفع الله ما كان اعظم ونحن نعيش العقد الثاني في الالفية الثالثة، فلم يعد (السلامة اولا) مجرد شعار او ترف فكري ومصفوفات لغوية جوفاء تجترها الالسن.
وليس من المقبول او المعقول ونحن نعيش في فورة التقدم العلمي والتكنلوجي والذكاء الاصطناعي ان يموت الناس ببساطة متناهية لمجرد خطأ معماري بسيط وتافه او لغش اداري سببه الفساد المتعمد او مشاعل اطفال، بل يجب اعتماد اجراءات فعلية وطنية شاملة بعيدا عن المؤتمرات والورش التي لايُستخلص منها سوى الكلام الفارغ والاماني النرجسية غير المتحققة، وذلك بالتغيير الحتمي والالزامي وليس الشكلي الاجرائي بمراجعة جميع المواقع التي من المحتمل ان تكون مثل هايبر ماركت الكوت او قاعة اعراس الحمدانية الشهيدة وهي تربو على (سبعة الاف موقع)، بل اكثر وفي جميع انحاء العراق كقاعات الاعراس والمدارس والمولات والكوفيات، مع حظر جميع مواد البناء الممنوعة والتي قد تدخل خِلسة في البناء بسبب الجهل او الفساد او اللامبالاة او تقديم الرشى وغير ذلك.
ويجب اجراء مسح موقعي شامل لجميع المواقع المشمولة واجبار اصحابها على الرضوخ لشروط السلامة الوطنية التي تقررها الجهات المختصة كالدفاع المدني ووزارة الداخلية ومحاسبة المقصرين في غض النظر عن مواد البناء المحظورة او تسهيل التعامل بها، ويستدعي ذلك التحرك العاجل لعدم تكرار ماحدث في الكوت وليس انتظار “المصائب” اللاحقة بدون التهيؤ لمواجهة الازمات، ووضع الحلول الناجعة لها وليس التباكي عليها وتوقع حدوثها.
فالإجراء الصحيح هو منع تكرارها وليس ترقيعها لأي سبب كان سواء أ كان هندسيا ام فنيا ام غشا معماريا او لسبب الجهل والفساد وقلة الوعي او لفعل “فاعل” مجهول، ولن يتحقق شعار السلامة اولا دون تحقيق شروط السلامة الوطنية المتخذة في مديرية الدفاع المدني ووزارة الداخلية بحذافيرها، اسوة بباقي الدول المحترمة. رحم الله شهداء العراق الذين يذهبون ضحية الفساد والإهمال.