أيها الناخبون: لا تنخدعوا مرة أخرى
مصطفى ملا هذال
2025-07-10 03:36
شخصياً، لو كنت مديراً لإحدى الدوائر الخدمية لأقدمتُ إعفائي مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية المقبلة؛ ذلك لكثرة الضغوطات التي سيواجهها مدراء الدوائر خلال هذه الفترة، من قبل المرشحين، لا سيما أصحاب النفوذ المستمرين في إدارة المفاصل السياسية.
حديث العامة يدور في الأوقات الحالية عن أهمية استثمار هذه الأيام في الحصول على المكتسبات، مثل إضافة محوِّل إلى المنطقة التي تعاني من ضعف في التيار الكهربائي، أو تبليط شارع لم تصله الخدمات الحكومية، أو توسعة شارع حصلت فيه الكثير من الحوادث المرورية على مدى سنوات.
مثل هذه الطلبات تكثر في الشهور القليلة التي تسبق العملية الانتخابية، وعلى مدراء الدوائر استيعاب هذه الطلبات والتعامل معها بنوع من الشفافية والتخريجات القانونية.
هل عرفتم لماذا يتم اختيار مدراء من قبل الجهة "سين" أو الجهة "صاد"؟
أحد أهم أسباب اختيار مدراء الوحدات الإدارية في المدينة يتبعون لحزب معين، هو النظر بهذه الطلبات ومحاولة تنفيذ القسم الأكبر منها في المناسبات والمواقف التي تقدم الدعم والتأييد لهذه الجهة أو تلك. فعلى سبيل المثال، إن مدير الكهرباء جاء عن طريق بوابة الجهة المتنفذة في محافظة كربلاء حالياً.
فهو لا يستطيع أن يرفض أي طلب يحمل تهميش رئيس الكتلة أو توجيهه بتسهيل مهمة أصحاب هذه المنطقة. وبالتأكيد لم يكن هذا الطلب هو الأول من نوعه أو الأخير، فمع اقتراب الموعد الانتخابي تزداد وتيرة المراجعات وتكثر التهميشات الداعية إلى التعاون وتوفير الاحتياجات.
وبحسب المعلومات، فإن جميع الطلبات المقدمة هي أصولية وأصحابها يعانون من نقص حاد في الخدمات الأساسية، لكن المسؤول تأخر، وربما تأخره مقصود، لتكون مثل هذه المناطق الوجهة الانتخابية المناسبة، وقد يكون اقترب منها قطار الخدمات، وأرادت هذه الجهة تجيير الجهود الخدمية لصالحها.
ولو فرضنا أن جميع الطلبات لازمة التحقيق أو النظر فيها، فهل قدرة وإمكانيات هذه الدوائر الخدمية كافية لتلبيتها؟
لا أعتقد توجد إمكانية للنظر بجميع الطلبات المقدمة من قبل المواطنين، ويبقى المعيار الحاكم في مثل هذه الظروف هو قدرة المسؤول أو قربه من أصحاب القرار في الهرم الأعلى بالسلطة، وكذلك انحداره السياسي.
في الحسابات المنطقية، فإن لكل مشروع وقت زمني، يبدأ من مرحلة إعداد الكشوفات الأولية، وآراء اللجان والجهات ذات العلاقة، مروراً باستحصال الموافقات الرسمية، وتخصيص المبالغ المالية المطلوبة. كل ذلك يتطلب عملاً ومتابعة مضنية تستمر لمدة شهور طويلة، بينما الوقت المتبقي للانتخابات لا يتعدى الأربعة شهور، ويكون عمل الحكومة في أغلبها تصريف أعمال.
وعليه، فإن جميع الضمانات التي يتقدم بها المرشحون، هي نوع من أنواع التضليل وخداع المواطنين. ولو فرضنا جدلاً أن للمرشح النية الصادقة لخدمة أبناء مدينته أو منطقته، فكيف يتمكن من ذلك وهو قد أعطى عشرات بل مئات الوعود؟
ومن هنا، فيجب الحذر كل الحذر من الوقوع في السيناريو المزيف الذي وُضع صورته النهائية بالاتفاق مع أعضاء الكتلة المرشحة في محافظة ما. لكن، ومع اعتماد المرشحين نفس الأساليب الخادعة والممارسات المشبوهة في الحصول على الأصوات، يبقى المواطن مصدقاً لما يطرحه السياسي ويتفاعل معه على أنه حقيقة غير قابلة للنقاش.
المهم في المرحلة القادمة، وبعد اتضاح النوايا من قبل الساسة الحاليين ومن يأتي من المرشحين، هو البحث عن المرشح الذي لديه برنامج عمل على وضع اللبنات الأولى في الدورات السابقة ويريد إكماله، مع الأخذ بعين الاعتبار ما تم تحقيقه من البرنامج في السنوات الماضية، والنتائج المترتبة على دوره الرقابي، في إحالة بعض الملفات إلى النزاهة أو الوقوف على المشروعات المتلكئة أو التي يشوبها نوع من الفساد أو الشبهات.