انعكاسات نتائج انتخابات إقليم كردستان على مستقبل المشهد السياسي العراقي
د. أسعد كاظم شبيب
2024-11-10 06:17
أعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات عن النتائج النهائية للانتخابات العامة في إقليم كردستان بعد تأخرها أكثر من عامين وهذه سادس انتخابات برلمانية يشهدها الإقليم منذ نشأته، نجح الكرد في إنجاز الانتخابات البرلمانية والتي ستحدد في ضوئها انتخاب رئيس الإقليم وبرلمانه، وشملت الانتخابات مدن الإقليم: أربيل، والسليمانية، ودهوك، وحلبجة، وفرزت النتائج الاتية: أربيل حدد لها 34 مقعد، توزعت النتائج فيها كما يلي: حصل الحزب الديمقراطي الكردستاني (البارتي) بزعامة مسعود برزاني على 17 معقداً، وحصل حزب الاتحاد الوطني الكردستاني (اليكتي) بزعامة قوباد طالباني على 6 مقاعد، وحزب الجيل الجديد بزعامة ساشوار عبد الواحد على 5 مقاعد، وحصلت مجموعات سياسية صغيرة 4 مقاعد، فيما خصصت كوتا 2 توزعت بين المسيحين والتركمان.
اما مقاعد السليمانية فخصص لها 38 توزعت كما يلي: اليكتي15، والجيل الجديد 8، والبارتي 3، والاتحاد الإسلامي 3، وجماعة العدل الإسلامية 2، وهلويست 2، والتغيير1، والشعب 1، والتحالف الكردستاني 1، فيما كانت حصت الكوتا 2 (مسيحي وتركماني)، وفي دهوك 25 مقعد، وتوزعت كما يلي: البارتي 18، الجيل الجديد 2، الاتحاد الإسلامي 2، واليكتي 1، وهلويست 1، وكوتا 1 (مسيحي) وأخيرا في حلبجة 3 مقاعد توزعت كالتالي: اليكتي 1، البارتي 1، والاتحاد الاسلامي 1 مقعداً.
وبالتالي جاءت النتائج النهائية على النحو الاتي الحزب الديمقراطي الكردستاني (البارتي) بالمرتبة الأولى وبواقع 39 مقعداً من أصل 100، فيما حصل حزب الاتحاد الوطني الكردستاني (اليكتي) على 23 معقداً، والجيل الجديد حصل على 15، والاتحاد الإسلامي حصل على 7، وحصل حزب هلويست على 4 مقاعد، وحصلت حركة بابليون على 3، والعدل الكردستانية حصلت على 3، وتركمان 2، وجبهة الشعب 2، والتغيير 1، وحصل التحالف الكردستاني على مقعد 1.
وعليه ظهرت النتائج الأولية التي أعلنتها المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق فوز الحزب الديمقراطي الكردستاني بنسبة 40%، بأكثر من 800 ألف صوت، تلاه في المركز الثاني الاتحاد الوطني الكردستاني بنسبة 20%، وحصل على ما يقارب 400 ألف صوت، وبلغت بنسبة المشاركة 72%، بأعداد أصوات تجاوزت المليونين، وقد رحبت جهات سياسية محلية بنزاهة ونتائج الانتخابات كما رحبت جهات دولية بها ومن ذلك دول الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة الامريكية.
مما تقدم فإن النتائج اكدت على نفوذ الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني فيما يليه بفارق كبير غريمه السياسي حزب الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة قوباد النجل الأكبر للراحل جلال طالباني، من هنا فإن نتائج انتخابات إقليم كردستان تدلل على حضوره الشعبي في الإقليم ومع ان تشكيل الحكومة في الإقليم سيخضع الى ذات الآلية التوافقية التي تشكلت بها الحكومة هناك عبر التفاهم مع أقرب الفائزين وهو غريمه التقليدي المتمثل بحزب الاتحاد الوطني الكردستاني من هنا صرح رئيس إقليم كردستان نجيرفان بارزاني من ان الأحزاب الحاكمة في الإقليم سوف لن تنقسم إلى إدارتين وإقليم كوردستان لديه إطار قانوني وفق الدستور العراقي.
عموماً فإن فوز الحزب الديمقراطي الكردستاني سينعكس إيجابياً ويعطي له دفعة أكبر مما حصل عليه في المراحل الراهنة والسابقة على مستوى إقليم كردستان والمواقع المهمة في بغداد، وسيجعله محور مهم في أي معادلة سياسية قادمة على مستوى البرلمان العراقي او الحكومة الاتحادية في بغداد والاهم من هذا ستغير الكثير من المجموعات السياسية في بغداد نظرتها الى الحزب الديمقراطي الكردستاني وتحاول كسبه سياسياً في تحالفات مقبلة.
في المرحلة السابقة اختلفت توجهات الحزبين الرئيسين في الإقليم في الدخول في تحالفاتهم مع القوى الرئيسية في بغداد فيما دخل حزب الاتحاد الوطني الكردستاني مع القوى الشيعي التقليدي المنطوي تحت مسمى الاطار التنسيقي ذهب الحزب الديمقراطي الكردستاني في تحالف وصف بانه استثنائي ونوعي من حيث القوى المشاركة فيه، والاهداف، والمشروع السياسي تحت تحالف (انقاذ وطن) الذي ضم التيار الصدري بزعامة السيد مقتدى الصدر، وحزب تقدم بزعامة السيد محمد الحلبوسي بالإضافة الى الحزب الديمقراطي الكردستاني وقد كان قاب قوسين او ادنى من تشكيل حكومة قائمة على أساس الأغلبية الوطنية لولا إصرار الجبهة المقابلة باللجوء الى أدوات رفض خشنة الى جانب رفض دول إقليمية معروفة للمشروع، والذي أدى بالنهاية الى انسحاب احد اهم أقطابه وهو التيار الصدري من البرلمان والعملية السياسية فيما مضى الحزب الديمقراطي الكردستاني بخطوات ثابتة في تنفيذ اجنداته واستراتيجية السياسية انطلاقا من بغداد.
واستنتاجاً لما تقدم يعرض التساؤل حول شكل التحالفات الذي سيشكل في المرحلة القادمة لاسيما وان العراق مقبل بعد اقل من عام على الانتخابات البرلمانية الوطنية العامة.
اركان الإجابة على التساؤل اعلاه تتوقف على مجموعة عناصر منها، عودة الأطراف الفاعلة على المستويين الشيعي والسني، ونقصد هنا التيار الصدري وحزب تقدم الى المشهد السياسي من جديد خصوصاً التيار الصدري الذي لا يزال موقفه غير معروف من الدخول في الانتخابات البرلماني القادمة من عدمه، ومن ثم رسم الأهداف السياسية المقابلة، خاصة وان الطرف الثاني من التحالف المتمثل بحزب تقدم بقيادة محمد الحلبوسي شهد توتراً مع الحزب الديمقراطي الكردستاني بعد تصريحات تخص الدور الكردي وعلاقاته الداخلية والخارجية.
من جانب ثاني يترقب الحزب الديمقراطي الكردستاني مستوى استجابة الأطراف الشيعية التقليدي لمطالبه واشتراطاته فيما سيكون هناك متغير مهم بالنسبة للحزب الديمقراطي الكردستاني وهو دخول رئيس الوزراء محمد شياع السوداني في الانتخابات البرلمانية القادمة بقائمة مستقلة واذا ما حصلت قائمته على اغلبية سيجعل ذلك اقرب له للحزب الديمقراطي الكردستاني من غيره لاسيما وان حزب الاتحاد الوطني الكردستاني لا يزال في تحالف قائم مع اقطاب الاطار التنسيقي ويبدو ذلك مستمرا للمرحلة القادمة.