خطاب نتنياهو يدلّلُ على تفاهم إسرائيلي غربي على هجوم بري على لبنان

د. جواد الهنداوي

2024-09-28 04:43

ليس العنوان معلومة، وانما استنتاج، مصدره متابعة لمواقف وتصريحات قيادات الكيان المحتل والدول المذكورة، ولمجريات الحرب في شمال فلسطين وجنوب لبنان، وكذلك النوايا الشريرة والفاشية للصهيونية، التي تتحكم و توجّه سلوك نتنياهو .

 لنطّلع على تصريح وزير الدفاع البريطاني، في الأمس، حيث يقول :” نراقب عن كثب احتمالات الغزو البري لجنوب لبنان، وهذا أمرٌ يقرره الاسرائيليون …” .ونلفت انتباه القارئ إلى عبارة ” وهذا امرٌ يقرره الاسرائيليون ”، ويعني بكل بساطة ان الأمر متروك لإسرائيل، وهم، اي احفاد بلفور، ما عليهم، حينها، الاّ مباركة ودعم ما تقرره إسرائيل .

صحيفة واشنطن بوست تكتب اليوم عن قوافل عسكرية اسرائيلية تتحشّد في الشمال استعدادًا لتوغل بري، تصريحات لمسؤولين في الادارة الأمريكية تبارك لإسرائيل ما تحققه من انجازات في سياسة الاغتيالات وتؤيد القصف الجوي والمجازر ضد المدنيين، ولكن وفق هذه التصريحات ”امريكا تعارض حالياً” غزو بري للبنان.

ونلفت انتباه القارئ إلى كلمة ”حالياً”، الأمر الذي يدل على عدم معارضة امريكا لما تقوم به إسرائيل اليوم، وقد توافق في الايام القادمة على قيام اسرائيل بغزو بري للبنان. تصريحات وردت على لسان مسؤولين امريكيين، ونقلتها جريدة ” هآرتس ” الاسرائيلية، بتاريخ 2024/9/24.

الجميع (نتنياهو وامريكا والغرب المؤيد) هم ادوات تنفيذية للصهيونية، التي تتحكم في العالم، وما يقومون به، مِنْ حروب، وسياسة، ودبلوماسية، واقتصاد، كله لخدمة وفي سبيل الهيمنة الصهيونية الفاشيّة والعنصريّة، والمتجرّدة من الإنسانية. 

نتنياهو هو الذي يقودهم، وبإسم الصهيونية وبرعايتها، ونرى ذلك جلياً لا أحد يقف عثرة امام خطاه، ليس خوفاً منه او حُبّاً به، وانما انصياعاً إلى الصهيونية وخوفاً منها. الجميع يصفُ نتنياهو بالكذاب، ولكن، عليهم ان يصدّقوا ما تريده الصهيونية .

يمضي نتنياهو نحو لبنان، على ما يبدو، في ذات المسار الإجرامي والمرحلي في غزة، رغم انه لا يزال غاطسا في وحل غزّة .

هدفه الاول هو الانتصار على حزب الله واجتثاثه وبيئته، والهدف الثاني هو توسيع دائرة الحرب ونقلها إلى البعد الاقليمي والدولي (اي ايران وامريكا)، لذلك يردّد دائماً، بتذكير مسعاه، ألا وهو تغيير الشرق الأوسط .

أصبحَ نتنياهو اليوم مُتحمساً، اكثر من أمس، للقيام بهجوم بري.. فلماذا؟

يعتقدُ، أولاً، بأنَّه نجحَ في تقليل القدرات الفنية والعسكرية للحزب باستشهاد كوادر متقدمة منه، وهذا ما ذكره ايضاً في خطابه في الامم المتحدة .

ثانياً، حَصلَ على الضوء الأخضر الأمريكي والبريطاني و الفرنسي، وغرّه التصفيق الحار لخطابه، من قبل وفود الصهيونية في هيئة الامم المتحدة، و التي تستحق حقاً تسميتها “بالأمم المتّفككة “.

وثالثاً، فَهِمَ (بطريقة او اخرى) بعدم انخراط إيران في الحرب، في حالة الانتقال إلى القتال بّراً، ولعله مُخطئ في هذا الفهم أو هي دعوة له ولأسياده بالوقوع في الفخْ !

ولنتذكّر أَنّ كل نتائج الحروب التي خاضتها امريكا و بالتعاون مع إسرائيل او بالعكس (اي اسرائيل وبدعم امريكا والغرب) ضد حركات المقاومة في المنطقة وخارج جغرافية المنطقة (افغانستان) كانت لصالح ايران ولصالح محور المقاومة ولصالح روسيا والصين .

لعلَ ما يسعى اليه نتنياهو وداعموه هو استدراج إلهي، وكُلنا نعلم بأنَّ الاستدراج او الإملاء او الإمهال هو سُنّة من السُنن الالهية، وخاتمته هلاك الظالم والفاسق، وقد فاقَ نتنياهو في ظلمه وجرائمه وفسوقه، روبسبير وبول بوت وإيفان الرابع او إيفان الرهيب في روسيا (1533- 1547)، وغيرهم من مشاهير الإجرام والبطش، جميع المواقف والتصريحات الغربية والأمريكية عن جهود سياسية ودبلوماسية لوقف الحرب على لبنان.

كذبٌ ونفاق وتلفيق، وغرضها الرأي العام الأمريكي والغربي، وكسب الوقت كي يمضي نتنياهو قدماً في التحضير والتجهيز لتوغل برّي .

لم يستبعد حزب الله او المقاومة في لبنان فرضية هجوم بري يشنّه الكيان المحتل، وهو اعلمُ منّا جميعاً بنذره، وأوعدنا بأنَّ التوغّل البري هو ميدانه وبإنتظاره، وأظّنُ بأنَّ المقاومة تعّول على حرب استنزاف طويلة الامد في وحل الجنوب .

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي