العراق.. خطوات على طريق شفافية الموازنة

حسين احمد السرحان

2024-07-03 03:59

تُظهر نتيجة العراق في مسح الموازنة المفتوحة لعام 2023 تقدماً محدوداً في بعض مؤشرات شفافية الموازنة، حصل العراق على الترتيب: 113 من اصل 125 دولة.

في 29 ايار الماضي، أطلقت شراكة الموازنة الدولية (IBP) تقريرًا عالميًا يسمى مسح الموازنة المفتوحة 2023 (OBS) يغطي 125 دولة، بما في ذلك العراق، وهذه الدول تضم 7.5 مليار شخص (95٪ من سكان العالم) وتتضمن ميزانيات يبلغ إجماليها أكثر من 33.5 تريليون دولار من الإنفاق في السنة المالية 2022. ومنذ عام 2006، أصبح المسح معيارا أساسيا لقياس ما إذا كانت الميزانيات الوطنية خاضعة للمساءلة وشاملة. ويعد المسح أداة قوية ونقطة انطلاق للجهات الفاعلة المدنية لمحاسبة الحكومات وضمان أن الأموال العامة تخدم المصالح العامة.

يعد مسح الموازنة المفتوحة (OBS) أداة البحث المستقلة الوحيدة في العالم والمبنية على الحقائق والتي تستخدم معايير مقبولة دوليًا لتقييم وصول الجمهور الى معلومات موازنة الحكومة المركزية؛ الفرص الرسمية للجمهور للمشاركة في عملية الموازنة الوطنية؛ ودور مؤسسات مراقبة الموازنة، مثل الهيئات التشريعية ومؤسسة المراجعة العليا، في عملية الموازنة.

تتم كتابة الميزانية بلغة المال، ولكنها لا تتعلق بالمال بشكل أساسي، بل تتعلق بالقيم. وبالتالي، تكشف ميزانية الحكومة ما تقدره الحكومة - ما هي التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تسعى إلى معالجتها، والموارد التي تخصصها لتحقيق تلك الأهداف. وتعد الميزانية أداة حاسمة لاتخاذ القرار والتواصل العام حول الأهداف الاقتصادية والاجتماعية. وإن إشراك الجمهور في عملية إعداد الميزانية ليس مجرد ضرورة ديمقراطية، بل هو أيضًا ضمانة ضد الإسراف في الإنفاق والاضطرابات الاجتماعية المحتملة.

توفر عملية الموازنة فرصًا لا حصر لها للحكومات لتبادل المعلومات حول كيفية استخدام الموارد العامة ولماذا. ويمكن لهذه العملية أيضًا أن تمنح الأشخاص العاديين الفرصة لتزويد الحكومات بالأدلة التي أنشأها المجتمع المحلي والمدخلات المحلية بحيث تعكس القرارات احتياجات وأولويات الجمهور. إن إشراك الجمهور هو اقتراح ناجح يمكن أن يساعد في استعادة ثقة الناس في قدرة الحكومة على تحقيق مكاسب اقتصادية وتحسين حياتهم. فهو يساعد على نسج قيم المساواة والشمول في نسيج جميع قرارات الموازنة. حصل العراق على الترتيب العراق: 113 من 125 دولة. 

يتضمن مسح الموازنة المفتوحة ثلاثة مؤشرات رئيسية:

أولاً، الشفافية، هي قياس وصول الجمهور الى المعلومات حول كيفية قيام الحكومة المركزية بجمع الموارد العامة وإنفاقها. حصل العراق على درجة الشفافية 8 (من 100). وفي عام 2021، حصل العراق على درجة شفافية 6/100. في عام 2012، حصل العراق على درجة شفافية 4/100. ولاحظنا أن العراق حقق تقدماً محدوداً جداً في هذا المؤشر، والذي يعتمد على إصدار وثائق الموازنة ونشرها للعامة إلكترونياً. يجب على الحكومة العراقية ووزارة المالية إعطاء الأولوية لإصدار وثائق الموازنة (بيان ما قبل الموازنة، مقترح الموازنة التنفيذي، موازنة المواطنين، المراجعة النصف سنوية وتقرير التدقيق).

أما المحور الثاني، وهو المشاركة العامة، فيقوم بتقييم الفرص الرسمية المتاحة للجمهور للمشاركة الفعالة في المراحل المختلفة لعملية الموازنة. ويفحص ممارسات السلطة التنفيذية للحكومة المركزية، والسلطة التشريعية، والمؤسسة العليا لمراجعة الحسابات (كما في ديوان الرقابة المالية الاتحادي).

بالنسبة للعراق، حصل العراق على درجة المشاركة العامة (صفر من 100). ولمزيد من تعزيز المشاركة العامة في عملية الموازنة، يجب على وزارة المالية العراقية إعطاء الأولوية للإجراءات التالية: آليات تجريبية لإشراك الجمهور أثناء صياغة الموازنة ومراقبة تنفيذ الموازنة. والمشاركة بنشاط مع المجتمعات الضعيفة والممثلة تمثيلا ناقصا، مباشرة أو من خلال منظمات المجتمع المدني التي تمثلها.

 ثالثًا، الرقابة على الموازنة، يدرس مسح الموازنة المفتوحة الدور الذي تلعبه الهيئات التشريعية وأجهزة المراجعة العليا (SAI) (في العراق ديوان الرقابة المالية الاتحادي) في عملية الموازنة ومدى توفيرها للرقابة. ويُظهر تقرير مسح الموازنة المفتوحة أن الهيئة التشريعية ومؤسسة التدقيق العليا في العراق، معًا، توفر رقابة محدودة أثناء عملية الموازنة، مع درجة إشراف مركبة تبلغ 46 (من 100).

يوفر مجلس النواب العراقي رقابة ضعيفة خلال مرحلة التخطيط لدورة الموازنة ورقابة محدودة خلال مرحلة التنفيذ. ولتحسين الرقابة، يجب إعطاء الأولوية للإجراءات التالية:

 يجب على الهيئة التشريعية مناقشة سياسة الموازنة قبل طرح مقترح الموازنة للسلطة التنفيذية والموافقة على التوصيات الخاصة بالموازنة القادمة. 

وينبغي تقديم مقترح الموازنة من السلطة التنفيذية الى مجلس النواب قبل شهرين على الأقل من بداية سنة الموازنة (السنة المالية). 

ومطلوب من اللجان التشريعية فحص مقترح الموازنة المقدم من السلطة التنفيذية ونشر التقارير مع تحليلاتها عبر الإنترنت. ويجب أن توافق الهيئة التشريعية على مقترح الموازنة المقدم من السلطة التنفيذية قبل بداية سنة الموازنة (السنة المالية).

 * باحث في مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية/2004-Ⓒ2024

www.fcdrs.com

ذات صلة

بين موت الغرب ونهضة الشرقالبنية الحجاجية.. خطبة الزهراء (ع) مثالامتى يحق للمواطن المشاركة في القرارات الحكومية؟الإدارة الأمريكية الجديدة وتصوّرات الصدام والتوتر والوفاقالحياة المشتركة في الشرق الأوسط