دفاعا عن شغيلة النظافة
حسب الله يحيى
2024-03-31 05:03
ضيف السيد محمد شياع السوداني / رئيس مجلس الوزراء في الأسبوع الماضي عددا من عمال النظافة.. وهي مبادرة طيبة تعيد الاعتبار والاهتمام إلى هذه الشريحة الاجتماعية المهملة والمنسية والمظلومة والمهمشة.
وهي أول ضيافة رسمية يقوم بها مسؤول في الدولة العراقية ـ حسب علمنا ـ ومع ان البعض عدها مسألة إعلامية للدعاية الانتخابية؛ الا انها في رأينا تبقى مبادرة نبيلة وراقية يرقى بها السيد السوداني دون غيره من المسؤولين الذين سبقوه.
الا ان هذه المبادرة الحسنة؛ لابد ان تقترن بجملة من الإجراءات القانونية الفاعلة، حتى لا تظل مناسبة حققتها الصدفة الخيرة التي يضيء بها شهر رمضان المبارك. فهذه الشغيلة العمالية التي تعمل ليل/ نهار والتي ينظر اليها نظرة عابرة، بوصفها تعمل على هامش الحياة، مع أهمية وضرورة وجودها، ودورها في نظافة الشوارع والازقة، كما انها تحمل على عاتقها جمع كل ما لاحاجة لنا به من نفايات وفضلات، ولولا هذه الشغيلة لكنا مثقلين بأعباء كثيرة.
شغيلة عمال النظافة تعمل في ادنى مستويات العمل، لكنها تتلقى الأجر الأقل من بين سائر العمال، حيث تعمل هذه الشغيلة في ظروف قاسية جدا وهي معرضة للمرض والاذى، فيما سواها من الشغيلة العمالية تعمل في ظروف افضل وساعات عمل اقل ومع ذلك تتقاضى أجورا أعلى بكثير من شغيلة عمال النظافة. وكان الامل معقود بأن يتم النظر في الأجور الزهيدة جدا التي تتقاضاها والتي لا توازي الأعمال المناطة بها، الا أن النظر في الارتقاء بهذه الأجور بقي هو الأقل والادنى من بين جميع العمال.
الى جانب ذلك، لا يوجد لهذه الشغيلة ضمان صحي ولا نقابي ولا معونات اجتماعية.. وهو الامر الذي جعلها تعيش في الطبقة الدنيا ودون خط الفقر.. علما بأن عددًا من هذه الشغيلة يحمل شهادات الإعدادية والبكلوروس وحتى الماجستير، وبسبب البطالة وعدم توفر العمل في الميادين الأخرى وغياب التعيينات التي تحترم شهاداتهم ؛ لم يجدوا فرصة للعمل سوى القيام بمهمة (عامل نظافة) وهذا يعني ان هذه الشريحة الاجتماعية تعمل بشرف واعتداد بالنفس، بدلا من التسول في الشوارع والبحث عن قوت يومها.
انهم الشغيلة التي يبدأ الفجر بوجودها، حتى تبعد عن انظارنا ما هو ردئ وهو الذي تركناه نحن مهملا.. نحن انفسنا من دون ان نحترم هذه الشغيلة ونسعى لمساعدتها و القاء التحية لها.
ان قطاع النظافة، قطاع مهم لابد للحكومة العراقية من ايلائه الاهتمام الذي يستحقه والامل ان تكون ضيافة السيد السوداني لهذه الشغيلة المتعبة والمظلومة؛ ليست ضيافة مصادفة عابرة؛ وانما هي نقطة ضوء ومنطلق أمل ومشروع إجراءات ولوائح وقوانين يتم تشريعها لهذه الشريحة التي ظلت لسنوات طوال هي المهنة الأدنى في السلم الاجتماعي.
وقد آن الاوان للتعامل معها باحترام وإعادة الاعتبار إلى خدماتها النظيفة، والعمل على تثقيف المجتمع لكي ينظر إلى عمال النظافة، كونهم يستحقون الأجور التي تتلاءم وتتفق مع جهودهم، بدلا من الاعتماد على الشركات الأجنبية، التي تغدق عليها الأموال الطائلة لغرض جمع النفايات.
إن الشغيلة العمالية للنظافة هي الأولى استحقاقا بهذه الأجور الجيدة، بدلا من تلك الشركات التي تنفق عليها الأموال والتي تتقاضاها من الحكومة ومن الأهالي كذلك.. انها أجور لا توازي الجهود السريعة والعابرة التي لا ترقى إلى جهود عمالنا.
لقد آن الأوان للانتباه وإعادة الاعتبار لهذه الشغيلة والتعامل مع جهودها المضنية، بما يليق بعملها والعمل على ضمان عيشها وصحتها وتوفير مستلزمات العمل الجيدة لها والتعامل معها بما تستحقه من احترام وتقدير من قبل الحكومة والمجتمع، لأن هذه الشغيلة هي من يقدم الوجه النظيف والراقي لنا جميعا.