خطوات تحقيق النهضة المجتمعية
محمد عبد الجبار الشبوط
2024-02-28 08:37
العراق اليوم يواجه تحديات جسيمة تتطلب قرارات حاسمة تحدد مستقبل البلاد. هناك خياران أساسيان أمام العراقيين: الأول هو خيار التطوير والتحديث نحو بناء دولة حضارية حديثة تعتمد على مبادئ الديمقراطية والشفافية وتدعم التنمية الاقتصادية، الاجتماعية والثقافية، وتسعى لتحقيق العدالة وتكافؤ الفرص لجميع المواطنين. تحتضن هذه الدولة التنوع والإبداع، وتعزز من دور التعليم والبحث العلمي كحجر الزاوية لنهضتها.
الخيار الثاني هو الاستمرار في نهج الحكم الاستبدادي المغلق الذي يحد من الحريات ويتجاهل التنمية المستدامة، بما يقود إلى المزيد من التخلف والعزلة. يتسم هذا الطريق بالفساد وغياب القانون واستشراء البطالة والتفاوت الاجتماعي والاقتصادي.
الخيار الأمثل لا يقف عند حدود الأمنيات وإعلان النوايا، بل يتطلب عملاً مؤسسياً وثقافياً مشتركاً يستند إلى رؤية وفلسفة واضحة لبناء الدولة العراقية على أسس سليمة. يحتاج العراق لتوافق وطني شامل يضم جميع مكونات المجتمع لرسم خارطة طريق تستجيب لتطلعات الشعب وتواكب التحديات المعاصرة.
من الضروري الاستثمار في الإنسان كأولوية أولى، وتمكين الشباب وإشراكهم بفاعلية في العملية السياسية وعمليات صنع القرار. كما يجب فتح الأفق أمام الاستثمارات الداخلية والخارجية بإيجاد بيئة تجارية وصناعية جاذبة، وإصلاح النظام القانوني والقضائي لضمان العدالة ومكافحة الفساد.
الطريق نحو الدولة الحضارية الحديثة ليس بالمسار السهل ولكنه ممكن بالإرادة الصادقة والعمل المشترك والدعم الدولي للشعب العراقي في نضاله من أجل بناء مستقبل أفضل.
النهضة، من ناحية أخرى، تعني التجديد أو الازدهار وتحقيق التقدم على المستويات الثقافية، الاقتصادية، والعلمية.
تحقيق النهضة في المجتمعات يعتمد على مجموعة متنوعة من العوامل التي تتداخل وتتفاعل مع بعضها البعض. بالرغم من أن الخطوات المحددة يمكن أن تختلف بناءً على السياق الخاص بكل مجتمع، هنا اذكر بعض الخطوات العامة التي يرى العديد من الخبراء أنها ضرورية لتحقيق نهضة مجتمعية:
- تعزيز التعليم والبحث: تحسين جودة التعليم والتأكيد على البحث العلمي لتطوير القدرات الفكرية والمهارات المهنية. وهذا يتطلب التركيز على النظام التعليمي والتربوي واعادة تصميمه وبنائه بشكل يضعه في المجرى الاساسي للنهضة، ويوفر متطلباتها على المستوى الانساني والبشري. وبهذه المناسبة اعلّق على حملات الابتعاث الى الخارج التي تعلن عنها الحكومات العراقية. مرة في عهد تولي الاخ علي الاديب مسؤولية وزارة التعليم العالي ومرة في عهد الوزارة الحالية. اقول يجب ان تكون حملات الابتعاث جزءا من ستراتيجية للتغيير الحضاري وليست عملا مستقلا بذاته.
- تشجيع الابتكار وريادة الأعمال: دعم الابتكار وتشجيع الإبداع لتطوير منتجات وخدمات جديدة تدفع بالنمو الاقتصادي.
- استثمار في البنية التحتية: تحديث البنية التحتية وتطويرها لتعزيز الاقتصاد وتحسين مستوى المعيشة.
- إصلاح النظام السياسي: تطوير نظام سياسي يدعم الديمقراطية، العدالة، والشفافية ويكفل حقوق الإنسان.
- تنمية القطاعات الاقتصادية الأساسية: دعم وتنمية القطاعات الاقتصادية مثل الزراعة، الصناعة، والخدمات.
- الاستثمار في الصحة العامة: تحسين نظم الرعاية الصحية والوقاية من الأمراض لضمان صحة المجتمع.
- تعزيز المساواة والعدالة الاجتماعية: القضاء على أشكال التمييز والحرص على توزيع الثروات بعدالة.
- التحول نحو اقتصاد معرفي: الاستثمار في التكنولوجيا والخدمات المتقدمة للانتقال من اقتصاد يعتمد على الموارد الطبيعية إلى اقتصاد يعتمد على المعرفة.
- التعاون الإقليمي والدولي: تعزيز العلاقات مع دول أخرى للتعلم من التجارب الناجحة والحصول على الدعم الفني والتكنولوجي.
- المشاركة المجتمعية: تفعيل دور المجتمع المدني وتشجيع مشاركة المواطنين في قضايا وشؤون بلدهم.
هذه بعض الخطوات الأساسية التي يمكن أن تساعد في تحقيق نهضة في مجتمعاتنا. من الجدير بالذكر أن كل خطوة تحتاج إلى خطط تفصيلية، استراتيجيات محددة، وتنسيق جهود الأفراد