الانتخابات المقبلة: مفوضية القضاة ما بين المطرقة والسندان
مازن صاحب
2021-03-02 08:28
يخطأ من يظن ان الفواعل السياسية يمكن أن تغادر الأساليب القديمة في تمويل الماكنة الانتخابية والاعلامية على وجه الخصوص، بما يتوجب على مفوضية الانتخابات المستقلة الانتباه لهذه المثلبة الكبرى، بما يجعلها ما بين مطرقة الضغوط الحزبية وسندان النقد واللوم المجتمعي.
مصدر هذا الخطأ، كون هذه الفواعل سواء من الاحزاب القديمة او تلك التي اعيد انتجاها من ذات الاحزاب او من جاءت بعنوان ساحات التحرير، تمتلك عقلية تنمية مستدامة تستهدف التربية والتعليم والاقتصاد من خلال منهجية جديدة للإصلاح في بناء دولة عراق واحد وطن الجميع.
منهجية جديدة
ومن ابرز معالم هذه المنهجية الجديدة تحويل الأقوال في الاصلاح الى افعال تلغي نظام المحاصصة، وتبدأ ببرنامج عمل مغاير يتعامل مع عراق واحد وطن الجميع، ربما يعترض كثير من ممن يتصدون المشهد الحزبي فضلا عن مريديهم من الإعلاميين وفيهم من يدعون الى اعلام غير منحاز في التعامل مع المشهد الانتخابي المقبل، الا انهم لم يطرحوا اي بديل لثلاثية المحاصصة.. بما يجعل الاغلبية الصامتة تلاحق هذا الضوء في نهاية النفق لبناء الدولة العراقية الجديدة.
وربما ستصدر عن كل هذه الاحزاب التي تزيد على 300 حزبا برامج انتخابية، وعند مسعى اي صحفي حصيف للمقارنة فيما بينها ستجد ان كل هذه البرامج تتحدث عن الاصلاح ومحاربة الفساد من دون ان تضع اية إجراءات منهجية للبرنامج الحكومي الذي لابد وان يختلف عن غيره، وهذا يعني ان تكون امام الناخب وهو يقف عند صندوق الاقتراع 300 احتمال لكي يمنح صوته لأي منها.
وهذا ما يجعل عنوان هذا المقال مثلبة مبكرة تحتاج من مفوضية الانتخابات المستقلة الانتباه الى معايير منح الاجازات للكيانات السياسية والأحزاب بمطالبة اي منهم وضع برنامج للتخطيط السياسي يتعامل مع قاعدة تمثيلية لا تقل عن عدد يضاعف عدد الهيئة التأسيسية لاي حزب او كيان سياسي.
اما ان تمنح الاجازة للمشاركة في الانتخابات المقبلة من دون معايير حوكمة العملية الانتخابية بضبط معايير ادارة الراي العام الجمعي العراقي أولا، وتحديد ضوابط قانونية في تعليمات واضحة وصريحة عن تمويل الاحزاب للحملة الانتخابية، واليات مطلوبة للتعامل مع المال السياسي، احد ابرز معالم مفسدة الانتخابات التي جعلت منها مجرد تدوير للوجوه الحزبية، بلا مشروعية اعتراف شعبي تمثل في عدم تحديد تشريعات قوانين الانتخابات للحد الأدنى المطلوب لاعتبار نتائج الانتخابات معترف بها من قبل المحكمة الاتحادية.
ومع وجود معهد للتثقيف الانتخابي، تبدو مهمة المفوضية اسهل لتقييم اوراق اي حزب على وفق معايير حوكمة الانتخابات بما يجعل كل حزب، مؤسسة متكاملة، تكشف عن ذمتها المالية وتخضع للمساءلة ونفاذ القانون مقابل عقوبات بصلاحيات واضحة تلغي هذه المشاركة في الانتخابات على وفق ذات المعايير.
مسؤولية مشتركة
هنا تبرز مسؤوليات مشتركة بين تلك الاغلبية الصامتة التي يتطلب ان تغادر ما يصفه البعض بكونهم (متثاقفين.. مضرتهم اكثر من نفعهم) او ما يصفه البعض الاخر بكونهم (حزب القنفة.. ليس عندهم عن الثرثرة على مواقع التواصل الاجتماعي). مشكلة من يقرأ الاغلبية الصامتة بكونها خانعة وخاضعة اما لأسباب مذهبية او ولائية او قومية وتبحث عن موازن جديد بصفة مختار العصر او تنتظر ما يمكن ان تنتج صناديق الاقتراع للتغيير الناعم فإن كل هذه الحسابات تحاول ان تلغي توقع الانفجار الكبير.
وحين حدث في ساحات التحرير الحقة، تدخلت الاحزاب لركوب الموجة، وما ان شكلت بعض الاحزاب لناشطين في هذه الساحات، سارعت الاحزاب بعروض التمويل لادارة الحملة الانتخابية ..فما حدا من كل ما بدا ؟؟ لست بصدد الاستنتاج العشوائي ان نتائج الانتخابات المقبلة، مبكرة او في موعدها اذا لم تكن مدخلاتها القانونية صحيحة لتحليل اصحاب المصلحة المجتمعية، لن تكون مخرجاتها الا بذات العناوين الإعلامية لنتائج انتخابات 2018، وهي مسؤولية مفوضية قضاة، سيكون عليهم الكثير من اللوم المجتمعي، اكثر مما يواجهون اليوم من ضغوط سياسية، اتمنى ان اكون على خطأ.. ويبقى من القول لله في خلقه شؤون!!