العراق: اشتباك السياسة بالنفوذ الدولي يمنع احتكار القوة
علي الطالقاني
2020-01-04 07:40
عمّت الاحتجاجات بغداد ومحافظات أخرى وعبر غضب المتظاهرين ضد الطبقة السياسية التي لم تقدم اقتراحات مقنعة حول كيفية الاستجابة للتطورات المتصاعدة والخطيرة. يبدو أنّ الكتل السياسية أحكمت قبضتها، كما أنها بدت تحقق هدفها في إملاء السياسات فيما كانت باستطاعتها ان تمسك بمفاتيح التغيير الحقيقي من خلال إجراء انتخابات برلمانية مبكرة وبناء قانون انتخابي جديد.
انتقل البلد اليوم الى مرحلة جديدة من الصراع بعد ان تشابكت الأحداث الخاصة بملفات معقدة منها استهداف الوجود الأمريكية ومن ثم مقرات الحشد الشعبي وبين هذين الحدثين يبقى ملف الاصلاحات الحكومية معلقا وازداد تعقيداً.
فمن خلال ما تصرح به الادارة الامريكية باستمرار يتضح إنها ستنتهج سياسة تحمل المسؤولية تجاه الضغط على إيران بشتى الطرق بما في ذلك تصعيد المواقف.
ما يهمنا أكثر، قناعة الداخل العراقي بتعامله مع ما يجري. فالتخلي عن تواجد الحشد في المناطق التي تم تحريرها وايضا تقديم ضمانات عدم التعرض للمصالح الأمريكية سيعزل خط المقاومة عن مهامه وهذا يعتبر تنازلا كبيرا يجسد مقدار الضغط الهائل الذي تتعرض له فصائل الحشد، ويكشف إمكانية الاضطرار في وقت لاحق إلى تقديم المزيد من التنازلات.
ولو أردنا قراءة المستقبل في حال تصاعد الهجمات، فإن التحديات الداخلية والإقليمية التي تواجهها المؤسسة الأمنية في العراق ستكون محرجة.
تسعى واشنطن بشكل مكثف الى تشويه سمعة الحشد الشعبي بحجة العنف الذي تم ممارسته ضد المتظاهرين من جانب، وإصرار قادة الحشد على حماية السياسيين الفاسدين من جانب آخر، مما يزلزل الايمان بدور الحشد الشعبي كمدافع عن العراق، وبالتالي تهديد قدرته بالحصول على مقاعد برلمانية ومناصب مهمة.
ويُعتقد ان الاحتجاجات تحدياً لإيران التي تعتبر حليفاً اساسياً للجماعات السياسية في العراق وتحديدا في مجال مقاومة الوجود الأمريكي، مما قد يؤثر على قوة ونفوذ فصائل المقاومة في نهاية المطاف.
فيما تعتقد جماعات الضغط في داخل أمريكا على ان العقوبات لم تعد أداة فاعلة وبنفس الوقت ان ايران لا تملك الكثير من الأدوات والموارد أي بمعنى توزان النفوذ بعد أن تتنازل الإدارة الأمريكية عن سياستها الخارجية من أجل استقرار المنطقة عبر دعم الإصلاحات من خلال الدعم الشعبي وتطوير اتفاقية الاطار الاستراتيجية ومن خلال اتخاذ الحكومة العراقية تدابير حقيقية تستجيب لمطالب المحتجين.
من المرجح ان الولايات المتحدة الامريكية ستعمل على استغلال ما لم تسعى ايران الى تنفيذه في مجال الاصلاح السياسات ومكافحة الفساد وسيادة القانون والتنمية. فان الولايات المتحدة الامريكية ستعتمد من خلال علاقاتها الدولية والحلفاء والمنظمات الدولية وهي كمحاولة لتعزيز مكانتها.
وبرغم تهديدات ترمب لكنه يصعب إطلاق العنان لأي مواجهة بشكل مباشر داخل العراق فان ذلك سيقوض أي جهد أمريكي ويخلق نزاع طويل، ومن المؤكد سيضر بآمال ترمب في إعادة انتخابه مرة أخرى.
أما المكاسب التي من المحتمل ان تحققها القوى المعارضة للسياسة الأمريكي في العراق والمنطقة ستستغل ضعف ادارة ترمب في العراق الذي يسعى لإنقاذ ثروته الانتخابية بشكل لا يسمح لأمريكا إحتكار الضغط.