عربة الفقير المستهدفة
عبدالرضا الساعدي
2015-05-09 08:25
المشهد الذي أمامي ليس مباشرا، ولكنه موثق ومنشور من قبل زملاء صحفيين على مواقع التواصل الاجتماعي، ويمثل عربة لبائع عصير متجول، تقف على رصيف إحدى الساحات العامة في بغداد.. العربة في المشهد من دون البائع الذي تعرض على ما يبدو لمداهمة من موظفي الأمانة، لأن محتوياتها قد تساقطت وتبعثرت على الأرض بطريقة مهينة جدا !!
إلى الآن لا أعرف الأسباب والتفاصيل، ولكن خلاصة معلوماتي هي أن الأمانة تريد استتباب النظام وتنفيذ القوانين المتعلقة بالأماكن العامة والحفاظ على نظافة وجمالية المدينة، وهذا شيء حسن ومقبول وجزء من الواجب المناط بها، ونحن معهم ونساندهم في تسيير النظام والقوانين في البلد، ولكن ثمة ما يرافق هذه الإجراءات من أسئلة واستفهام نريد إجابات لها.. ومن بينها :
* ما هو البديل المقترح من قبل دائرة الأمانة حين رفضت وركلت عربة الفقير هذا؟
* هل تشترط هذه الإجراءات أن تهين الحكومة مصدر رزق الفقراء في الساحات العامة بهذا الشكل؟
* ما المتوقع من ردود فعل مقابلة لرجل يقطع رزقه ورزق عياله في ظروف شديدة الصعوبة والتعقيد مثل ظروفنا حاليا؟
* هل ينبغي تنفيذ القوانين والإجراءات بحق الضعفاء والمساكين وحدهم دون غيرهم، الذين لا حول لهم ولا قوة في هذا البلد، ونستثني الأقوياء وأصحاب النفوذ والسلطة والجاه والمال؟
إذا كان لدى دائرة الأمانة الموقرة وأي دائرة حكومية لها صلة بخدمة الناس والبلد عموما، إجابات وحلول شافية ومقنعة ومنصفة لنا وللمواطنين الفقراء أمثال هؤلاء، بخصوص أسئلتنا هذه، سنعتبر إجراءاتها عادلة وقانونية ولا غبار عليها، وإن لم تملك مثل هذه الإجابات والحلول، فهو الظلم بعينه، وينبغي على المسؤولين في مثل هذه الدوائر الخدمية أن لا ينسوا أن الشرارة الصغيرة تولد حرائق كبيرة، وهي التي أدت إلى ما أدت إليه مما يسمى (بالربيع العربي) الذي تحول إلى خريف وفوضى وشؤم على بلدانها وشعوبها، لكن الأساس بدأ من الإحساس بالظلم، والشرارة من بائع متجول..!
فليس من المنطقي والإنساني بشيء، أن يستهدف الفقراء في البلد مرتين، مرة بالمفخخات الإرهابية الإجرامية، ومرة بالإجراءات الحكومية غير المدروسة والمحسوبة، بدلا من حمايتهم ومساعدتهم في إيجاد فرص عيش ورزق كريم وآمن في أوطانهم.
وباختصار شديد، على الدولة ومؤسساتها الخدمية أن تبحث عن (بدائل وحلول) رفقة إجراءاتها القانونية بحق الناس، كما يجب تطبيق القوانين بعدالة على الجميع دون استثناء طرف على حساب آخر، كما لا ينبغي إهانة الناس البسطاء في مصادر عيشهم، وعلى المسؤولين قراءة الواقع الحالي قراءة صحيحة وبمعالجات ممكنة توفر للمواطن قدرا معقولا من الطمأنينة والإحساس بالانتماء لهذا الوطن ؛ كرحم يحتويه وليس طاردا له.. من هنا يجب أن نفكر ونعمل بأمانة وإخلاص.