لِطَلَبِ الإصْلاحِ
عْاشُورْاءُ السَّنَةُ الثّالِثَةُ (١)
نـــــزار حيدر
2016-10-03 12:35
{لِطَلَبِ الإصْلاحِ} {أَنا أَحَقُّ مَنْ غَيَّر}
بهتَين العبارتَين حدّدَ الامامُ الحسينِ بنِ عليّ (ع) سِبْط رسول الله (ص) فلسفة نهضتهِ المباركة ودوافعها وأهدافها النّهائيّة.
كما رسمَ مواصفات المُصلح الذي يتحمّل المشروع الاصلاحي في الامّة.
فلا كلُّ من قال انا مصلح أصبح كذلك فكان جديراً بقيادة المشروع الاصلاحي! ولا كلُّ من ادّعى انّهُ يمتلكُ مشروعاً إصلاحياً فهو كذلك! ابداً! فللمشروعِ كما للمصلحِ معايير خاصّةً هي التي تنبّئنا ما اذا كان المشروع إصلاحياً بشكلٍ حقيقيٍّ او انّهُ مجرّد دعاية انتخابية جديدة يطلقها الفاسدون لخداع الرّأي العام! وما اذا كان صاحبهُ مصلحاً حقيقيّاً ام انّهُ فاسدٌ يتخفّى بزيٍّ جديدٍ لخداع السُّذّج في الامّة كذلك؟!.
فما الذي أرادَ الامامُ إِصلاحهُ؟ وكيفَ؟ ولماذا هُوَ، النّموذج، دونَ غيرهِ؟!.
اذا عُدنا الى القرآن الكريم فسنلحظ انّ الاصلاح هو هدف كلّ الرّسالات السّماويّة، ما يعني انَّ هنالكَ خَللٌ [فسادٌ] ما في الأَرْضِ يلزم إِصلاحهُ وتغييرهُ، اذا أَردنا أَن تواصِل الانسانيّة مسيرها التَّكاملي نحوَ السّعادة.
ولذلكَ قال تعالى متحِّدّثاً على لسانِ نبيّهِ شُعيب (ع) {قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَىٰ مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}.
ومن ذَلِكَ نفهم؛
أَوَّلاً؛ انّ الاصلاح يعني أَولاً تطابق الفِعْلِ مع القولِ، فَإِنَّ ايّ تناقضٍ بينهما يُعتبر بحدّ ذاتهِ خللٌ، فسادٌ، بحاجةٍ الى الإصْلاحِ.
ولذلكَ لم نرَ في سيرةِ رسول الله (ص) وأئمّة أهلُ الْبَيْتِ (ع) باعتبارهم أئمّة الاصلاح في محاربة الفساد، ايّ تناقُضٍ بين القولِ والفعل، أَبداً، ولقد كان أَميرُ المؤمنين (ع) ينبّه الى ذلك دائماً انطلاقاً من نَفْسهِ، فكان يَقُولُ {أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي، وَاللهِ، مَا أَحُثُّكُمْ عَلَى طَاعَة إِلاَّ وَأَسْبِقُكُمْ إِلَيْهَا، وَلاَ أَنْهَاكُمْ عَنْ مَعْصِيَة إِلاَّ وَأَتَنَاهَى قَبْلَكُمْ عَنْهَا} لانّ المُصلحَ يلزمهُ أن يُقدّم نَفْسَهُ أُنموذجاً في شخصهِ وسيرتهِ وكذلك في مشروعهِ الاصلاحي، فاذا كان المصلحُ متناقضاً في قولهِ وفعلهِ، اي مُنافقاً ومزدوَج الشّخصيّة! فعن ايِّ إصلاحٍ يبشّرنا؟!.
يَقُولُ الامام السّبط الحسن بنُ عليٍّ (ع) {إِنَّ من النّفاق إِختلافُ السّرّ والعلانية والقولِ والعملِ والمدخلِ والمخرجِ، وانَّ الأصلِ الذي يُبنى عليهِ النّفاق الكذِب}.
امّا نبيّ الله عيسى (ع) فقال مُخاطباً [العمائِم الفاسِدة] {يا عُلماءَ السّوءِ! تأمرونَ النّاسِ يصومونَ ويُصلّونَ ويتصدّقونَ ولا تفعلونَ ما تأمرونَ وتدرسونَ، من درسَ؛ أخفى، ما لا تَعْلَمُونَ! فيا سوءَ ما تحكُمونَ، تتوبونَ بالقولِ والأماني، وتعملونَ بالهوى، وما يُغني عنكم أَن تُنَقّوا جلودكُم وقلوبكم دَنِسةٌ}.
وقد كتبَ بعضُ الصَّالِحِينَ الى أخٍ لهُ [أمّا بعدُ، فعِظِ النّاس بفعلِكَ ولا تعِظهُم بقولِكَ].
دقّقوا بهويّة (الإصلاحيّين) تحت قُبّة البرلمان مثلاً، فستعرفونَ لماذا كُتِبَ على مشروعهِم الاصلاحي بالفشلِ مُسبقاً! لانّهم مجموعةٌ من اللّصوص والفاسدين والفاشلين وهم جزءٌ لا يتجزَّأ من المنظومة الفاسدة والفاشلة التي قادت البلد الى الهاوية، خاصّة وانّ بعضهم جزءٌ من [العِصابةِ الحاكمةِ] منذُ التغيير ولحدّ الآن، الأَمر الذي يعني ان لا شيء تغيّر فيهم سوى الشّعارات والأزياء والخطابات الفارغة، امّا الجوهر فواحدٌ لم يتغيّر!.
ولحرصِ الامام الحُسينِ (ع) على تقديمِ معاييرَ دقيقة في شخصيّة المُصلح كونهُ نموذجاً يُحتذى، قال لهم {أنا الحُسينُ بنُ عليٍّ وابنُ فاطمةَ بنتِ رَسُولِ الله (ص) نفسي مَعَ أَنفسكُم وأهلي مَعَ أهليكُم} ثمّ بعد ذَلِكَ قال لهُم {فَلكُم فِيَّ أُسوةٌ} فالنّموذج لا يُقدّم نَفْسَهُ بالخطابِ والكلامِ، وانّما بالفعلِ والعملِ والسّيرةِ، ولذلك لم يقُل لهم الامام إِتخذوني أُسوةً الا بعد ان ترجمَ ذلك بسيرتهِ وفعلهِ.