شروط انهاء الحرب في اليمن

مسلم عباس

2018-11-20 07:00

اربع سنوات لم يعرف العالم الغربي ان هناك حربا وحشية في اليمن، اليوم التفتت اكبر دولة في العالم وباحدث تقنياتها الى وجود كائنات بشرية تقتل بواسطة أسلحتها الدقيقة جدا والتي تستطيع التمييز بين البيضة وكرة المضرب، فهل فعلا ستتوقف الحرب على اليمن؟

قد يكون اعلان الحرب قرارا من دولة واحدة ضد أخرى، هذا ما يحدث في حالات كثيرة، لكن انهاء الحرب لا يمكن ان يكون قرارا فرديا بالمرة، وخاصة اذا طال امدها الى عدة سنوات، لان الجراح تتعمق وكل طرف يشعر انه لا يزال يملك من القوة بما يكفيه للوصول الى خط النهائية بينما يشاهد عدوه يلهث.

الحرب ضد اليمن لا يمكن ايقافها لان الانسان يقتل يوميا والأطفال لا يجدون رغيف الخبز في الصباح الباكر يبقيهم على قيد الحياة طوال النهار، الحرب هناك معقدة وما يزيدها تعقيدا ان من يقودونها لا يفهمون الا لغة السلاح والمال، فمن جهة السعودية يريد محمد بن سلمان ان يثبت لدول الشرق الأوسط انه صاحب اليد الطولى، وحيث يرفع شعار "الحزم" الذي يعكس شعورا بالهزيمة امام ايران خلال السنوات السابقة ويجب استعادة مكانة بلاده المفقودة.

الأمير الذي لم ينجح في أي تحرك سياسي او عسكري له منذ وصوله وابيه الى حكم السعودية، هل يمكنه ان يوقف الحرب قبل تحقيق أهدافها؟ بكل تأكيد لا يوقفها حتى وان أدت الى إبادة الشعب اليمني، او سحبت جميع أموال بلاده مقابل شراء الأسلحة او مواقف الدول، فكل شيء يجب ان يتوقف حتى تدخل قواته صنعاء، لكن اليس للامير حلفاء مثل أمريكا لا تقبل بحرب مفتوحة تجلب لها العار؟ اليس له خصوم مثل المنظمات الدولية المهتمة بحقوق الانسان التي لا يمكن ان تسكت للابد عن جرائم حربه؟

بالنسبة للولايات المتحدة الامريكية فان الحرب هي سوق لبيع الأسلحة، وما دامت السعودية تشتري من لوكهيد مارتن ورايثون فلها الحق في "الدفاع عن نفسها"، من هجمات الحوثيين، قال ذلك دونالد ترامب صراحة، انهم يدفعون مليارات الدولارات لشراء الأسلحة فكيف يمكن التخلي عنهم، وما داموا لا يقتلون الأمريكيين فلا داعي للقلق من المجازر التي تحدث في اليمن. هذا ملخص الموقف الأمريكي، رغم إمكانية حدوث تغييرات خلال الأسابيع والاشهر المقبلة بعد سيطرة الديمقراطيين على مجلس النواب وموجة الغضب لدى أعضاء مجلس الشيوخ من التصرفات الطائشة لولي العهد السعودي محمد بن سلمان.

الموقف الأمريكي اذن لا يزال يصب في صالح السعودية مع إمكانية حدوث بعض التغييرات التي لا يمكنها ان تضغط على السعودية الا فيما يتعلق بالحصول على المزيد من الأموال، وحكام الرياض مستعدون لدفع المليارات من اجل تثبيت مواقفهم واستمرارهم في فرض شروطهم على دول المنطقة.

اذا تجاوزت الرياض عقبة الضغط الأمريكي تبقى امامها المنظمات الدولية المهتمة برصد انتهاكات حقوق الانسان، وهذه قد تسبب الكثير من الازعاج، خاصة اذا تصادف ان اخذت تقاريرها الشهرية صدى في وسائل الاعلام وتزامنها مع قضايا أخرى مثل مقتل الصحفي جمال خاشقجي ما يعطي لحرب اليمن زخما اكبر.

لكن السعودية تعلم ان نقطة ضعف المنظمات الحقوقية وحتى وسائل الاعلام هي عدم امتلاكها للقوة السياسية الكافية لتحويل مسار الاحداث مثل فرض العقوبات، وحتى تقاريرها لم تعد تثير الراي العام لان الناس قد سئموا من استخدام صور الأطفال كورقة سياسية لاسقاط الخصوم، وكانت سوريا حقل تجارب في هذا المضمار واليوم في اليمن، فصورة الطفلة امل حسين التي ماتت في احدى مستشفيات اليمن بسبب سوء التغذية رغم بشاعتها لم تثير الضجة المطلوبة. وان اثارتها مشاهد مشابهة يمكن للسعودية الرد عبر عشرات شركات العلاقات العامة الدولية.

انهاء الحرب في اليمن قرار دولي، وهو يرتبط بالتوازنات الإقليمية والدولية، وما بين هذه التعقيدات يوجد المال الذي يتولد عن استمرار الحرب وهو يجذب الكثير من الشركات للضغط على الحكومات او رؤسائها، ومتى ما افتقدت اليمن لقيمتها كسوق للسلاح وكوسيلة للفعل السياسي في ذلك الوقت يمكن الحديث عن نهاية الحرب، عندها تكون هذه الدولة الفقيرة قد تحولت الى ارض غير صالحة للعيش البشري.

ذات صلة

الإمام علي عليه السلام وتحجيم الجبروت والطغيانعلى حكومة السيد السوداني ان تكون أكثر حذراالمطلوب فهم القرآن بشكل جديد!مَعرَكَةُ بَدر هِيَ يَومُ الفُرقَانِ العَظِيمِ حَقَاًتعلم ثقافة السؤال بداية التعليم