إرهاب الديمقراطية الامريكية

مسلم عباس

2018-10-14 04:55

للمرة الخامسة على في غضون أسبوعين يبتز الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حليفته المملكة العربية السعودية بطلبه مزيدا من الأموال مقابل الحماية التي يوفرها لها حسب ما يقول، يخاطب جمهوره بان هذه الدولة لديها تليونات الدولارات ولا تتاثر اذا ما أعطت جزءا منها الى الولايات المتحدة الامريكية.

لا جديد في خطاب ترامب، فهو موسم انتخابي يحدد فيه سعر المرحلة المتبقية من ولايته الرئاسية، اذ سبق له ان اكد عزمه حلب السعودية التي اطلق عليها اسم "البقرة الحلوب"، وفعلا تم له ذلك في اول زيارة خارجية له عندما حصل على صفقات بأكثر من 460 مليار دولار، بينها 110 مليار دولار صفقات أسلحة فقط.

تقول المنظمات الدولية ان هذه السياسة خاطئة وتعزز نظام القمع في دولة من اشد المناطق دكتاتورية في العالم، وتعيش تحت حكم يشبه ممالك العصور الوسطى، يقتل فيها المواطن لمجرد تغريدة على موقع تويتر، ويسجن الناس لاشياء بسيطة لا تُعجب السلطة الحاكمة.

وفي الخارج توزع هذه السلطة احكام القتل بالمجان، ففي سوريا عبر دعم الجماعات المسلحة طوال سبع سنوات حولت البلاد الى اكوام من الأنقاض، وفي العراق كانت تصدر بيانات التكفير من بيت الله الحرام، لكن اشد جرائمها قسوة في التاريخ الإنساني الحديث هي حربها في اليمن، ملايين الأطفال ياكلون أوراق الأشجار، والنساء لا تقوى على ارضاع اطفالها لشدة الجوع، ومن يتمرد على هذا الوضع المأسوي عبر إقامة مأتم عزاء لشهداء القصف المتواصل يهاجم بغارة تلحقه الى جوار ربه مع جمع غفير من المعزين، والحال ينطبق على تجمعات الاعراس التي تقام في بعض المناطق حيث تكررت حالات القصف لحفلات الاعراس وادت الى استشهاد المئات من اليمنيين.

يرد ترامب على كل هذه الاخبار بعذر لا يزيد الوضع الا سوءا، يقول ان بلاده تحتاج المال من السعودية وان أمريكا تعتاش على بيع الأسلحة، والسعودية دولة غنية تشتري الكثير من الأسلحة الامريكية، لذلك يصعب إيقاف هذه العملية، اما حقوق الانسان فيمكن التغاضي عنها ما دامت الرياض تملك المال. تسال المنظمات الدولية عن مستقبل الديمقراطية في هذا البلد؟ فتجيب الإدارة الامريكية بضرورة تأجيل الفكرة.

البيئة التي توفرها أمريكا للأنظمة الدكتاتورية تمثل افضل هدية لها، فالحاكم المستبد لا تهمه الأموال وهو قادر على تحويل بلاده الى مصرف مجاني للدول العظمى عبر استقطاعها من قوت شعبه، يوزع الأموال ولا يخجل من تصريحات رئيس اكبر دولة في العالم، ما يهمه هو البقاء في السلطة، والحصول على صك امان باستمراره أطول فترة ممكنة، فهو يعرف جيدا ان مواطنيه لا يعتقدون بشرعيته ويريدون التخلص منه لو سنحت لهم الفرصة.

الأخطر في السياسة الامريكية تجاه الأنظمة الدكتاتورية هو تشجيعها للحركات المتطرفة، فهذه الحركات تستغل حاجة الشعوب الى التخلص من الأنظمة الحاكمة، تقوم بتاسيس المجموعات المسلحة لقتال الحاكم، تضرب هنا وهناك أهدافا مدنية وعسكرية والحجة زعزعة استقرار النظام تمهيدا لاسقاطه، وتنتعش الصراعات الصغيرة وتنحرف بوصلة الصراع الى حروب داخلية بين المجموعات المسلحة نفسها، كما حدث في سوريا، وأفغانستان والعراق وليبيا، ويتجدد الظلم لكن بطريقة اكثر فتكا وابعد ما تكون عن الالتزام بمعايير حقوق الانسان وقواعد الحرب.

اذا كانت أمريكا فعلا تريد نشر الديمقراطية فعليها وضع حقوق الانسان الى جانب مصالحها الخاصة، لان تركيزها على تحصيل الأموال بغض النظر عن الطريقة يُشعر الشعوب بالظلم ويدفعها للبحث عن بديل وفي الكثير من الأحيان يكون هذا البديل أسوأ بكثير ويضر بالمصالح الامريكية أولا، ويدمر سبل العيش في البلدان الفقيرة، انظروا الى العراق وليبيا والكثير من الدول التي دعمت أمريكا دكتاتورياتها من اجل مصالحها الاقتصادية ثم انقلبت عليها، لتتحول تلك الدول الى بؤر للتطرف والإرهاب.

ذات صلة

الإمام علي عليه السلام وتحجيم الجبروت والطغيانعلى حكومة السيد السوداني ان تكون أكثر حذراالمطلوب فهم القرآن بشكل جديد!مَعرَكَةُ بَدر هِيَ يَومُ الفُرقَانِ العَظِيمِ حَقَاًتعلم ثقافة السؤال بداية التعليم