هجوم الاهواز: هل أُغلِقَتْ الدائرة ضد ايران؟

مسلم عباس

2018-09-24 05:02

كان مفاجئا ان يتم مهاجمة عرض عسكري إيراني شديد الحراسة الأمنية، في مدينة الاهواز، راح ضحيته 24 شخصاُ وأصيب 53 آخرون بجروح في اعتداء استهدف (صباح السبت 22 أيلول الجاري) العرض العسكري في الأهواز جنوب غربي إيران. ومن بين الضحايا نساء وأطفال بحسب وكالة الانباء الإيرانية الرسمية التي قالت ان الحصيلة قابلة للزيادة.

ردود الفعل الإيرانية لم تنتظر التحقيقات، والقت باللائمة على الدول المعادية لها، اذ قال المرشد الأعلى للثورة الإسلامية السيد علي خامنئي، إن الهجوم على العرض العسكري "مرتبط بحلفاء الولايات المتحدة في المنطقة". بينما قال المتحدث باسم القوات المسلحة الإيرانية، العميد أبو الفضل شكرجي، لوكالة "إرنا" الرسمية: "إن 4 دول، اثنتان منها في منطقة الخليج، تقف وراء الهجوم المسلح".

الاتهامات الإيرانية لا تبدو انها جاءت من الفراغ، فقد ووصف عبدالخالق عبدالله المستشار لدى ولي عهد الامارات، والمحاضر السياسي المقرّب من السلطات في أبوظبي في تغريدة على حسابه في منصة تويتر ما جرى بأنه عمل عسكري ضد هدف عسكري وليس عملاً إرهابياً.

وكتب عبد الخالق عبدالله أيضاً: الهجوم على هدف عسكري ليس بعمل إرهابي ونقل المعركة إلى العمق الإيراني خيار معلن وسيزداد خلال المرحلة القادمة. في إشارة منه الى التهديدات السابقة لولي العهد السعودي محمد بن سلمان التي قال فيها ان الحرب مع ايران حتمية وبالتالي لا يمكن ان تنتظر الرياض تلك الحرب على أراضيها انما ستقوم بنقل المعركة الى الداخل الإيراني.

شماتة

الصحف السعودية والموالية لها كانت "الشماتة" بما جرى في إيران عنوانها الأبرز، على الرغم من صمت الموقف الرسمي، إذ عنونت صحيفة "الحياة" تقول: "ضربة موجعة للحرس الثوري في الأحواز"، معتبرة أن الهجوم ضرب هيبة النظام الإيراني، لا سيما أنه يتباهى دوماً بأن إيران "واحة أمن وسلام" في منطقة مضطربة.

وتحت عنوان "هجوم المنصة يفاجئ الحرس في الأحواز"، ذكرت "الشرق الأوسط" أن مسلحين فاجؤوا "الحرس الثوري" والجيش الإيراني باستهداف منصة لكبار المسؤولين خلال عرض عسكري بالأحواز.

أما "عكاظ" فتناولت الهجوم تحت عنوان "انقلب السحر على الساحر.. مقتل وإصابة أكثر من 90 عسكرياً إيرانياً في هجوم بالأحواز"، حيث أوضحت أن إيران ارتعدت وأغلقت منفذين حدوديين مع العراق بعد ساعات من الهجوم.

حرب مستمرة

ما يعزز الاتهامات الإيرانية أيضا تلك التهديدات التي يطلقها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والتي أصبحت معزوفته المعروفة، فايران من وجهة نظره هي الدولة الأخطر على إسرائيل، وله مطلق الحرية في التحرك ضدها في أي ارض كانت سواء في البلدان العربية التي تعتبر مناطق نفوذ لطهران او غيرها، ولا يمنعه من ذلك حتى روسيا تلك الدولة العظمى القريبة من طهران.

واخرج نتنياهو قبل اشهر ما قال انه الكنز الذي استولى عليه جهاز الموساد من منشآة ايران النووية، واستعرضه لوسائل الاعلام، وأعاد العرض مرات عدة، قائلا انها ادلة دامغة تثبت سعي ايران للحصول على أسلحة نووية، والمثير في تلك العروض عملية الاستيلاء عليها بحسب الرواية الإسرائيلية جاءت من عمق ايران، ما يعني ان الأجهزة الأمنية الإيرانية مخترقة في اكثر مفاصلها حساسية، فكيف اذا كان الحال في منطقة الاهواز او غيرها التي يصعب تامينها ضد الهجمات.

اما السعودية فكانت عليها مهمة دعم المعارضة الإيرانية بشكل علني، ولم تغب المعارضة الشيعية عن بوصلة الدعم السعودي، فخلال مؤتمرها الذي عقد في باريس صيف العام 2016، كان رئيس جهاز الاستخبارات السعودية الأسبق، الأمير تركي الفيصل، حاضراً بل وداعياً إلى تغيير النظام في طهران.

وقال الفيصل: إن النظام الإيراني "لم يجلب سوى الدمار والطائفية وسفك الدماء ليس في إيران فحسب، وإنما في جميع دول الشرق الأوسط"، لافتاً إلى أن "الخميني سعى لتصدير ثورته للعالم فزاد الفرقة فيه، وخصوصاً العالم الإسلامي"، بحسب قوله. الوجود السعودي بالمؤتمر، عبر رئيس جهازها الاستخباراتي الأسبق، مثل رسالة إلى النظام الإيراني مفادها الانتقال من حالة الدفاع إلى حالة الهجوم، حسبما فسرها مراقبون.

وفي الضلع الثالث من مثلث الحرب ضد ايران تؤكد تحليلات نشرتها صحيفة "واشنطن بوست"، أن الإدارة الأمريكية بلورت بالفعل استراتيجية جديدة بالتعاون مع السعودية، للإطاحة بنظام ايران في أقرب وقت ممكن. وسبق أن كشفت صحيفة "نيويورك تايمز"، نقلاً عن مسؤولين أمريكيين وعرب، أن إدارة ترامب تمضي قدماً خفية في مساع لتشكيل تحالف أمني وسياسي جديد، مع دول الخليج العربية ومصر والأردن بهدف التصدي للتوسع الإيراني في المنطقة.

واستباقاً لفرضِ ترامب حظراً على القطاع النفطي الإيراني في نوفمبر المقبل، تعهدت السعودية والإمارات بتعويض الحصة الإيرانية؛ في مسعى لإخراج طهران من سوق النفط بالكامل، الأمر الذي اعتبرته الأخيرة بمنزلة "إعلان حرب".

في ظل حالة الاستقطاب هذه تبدو الأجواء غير مشجعة في ايران، وما تقوله القيادة الإيرانية بحق القوى الخارجية لا يمكن ادراجه دائما في اطار نظرية المؤامرة، فهناك خطة علنية، وخط عام لانتاج الخطاب المعادي ضد طهران، ومع كل يوم تزداد الدائرة انطباقا قد الجمهورية الإسلامية التي تفتخر بصمودها طوال أربعين عام، فهل يمكن لها الصمود امام هذه الحرب الجديدة ام ان الوضع مختلف عن سابقاته؟ ننتظر الإجابة من الاحداث القادمة.

ذات صلة

الإمام علي عليه السلام وتحجيم الجبروت والطغيانعلى حكومة السيد السوداني ان تكون أكثر حذراالمطلوب فهم القرآن بشكل جديد!مَعرَكَةُ بَدر هِيَ يَومُ الفُرقَانِ العَظِيمِ حَقَاًتعلم ثقافة السؤال بداية التعليم